للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبو بكرٍ: لاها اللهِ، إذًا لا يَعْمِدُ إلى أسَدٍ مِنْ أُسْدِ الله يُقاتِلُ عن الله وعن رسولِه فيُعْطِيك سَلَبَه، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: صدق، فأعْطِه إيّاه، فأعْطانِيه، فبِعْتُ الدِّرْعَ، فابْتَعْتُ به مَخْرَفًا في بني سَلِمَةَ، فإنّه لأوَّلُ مالٍ تأثَّلْتُه في الإسلام (١)»، ورُوِيَ أنّ شِبْرَ بنَ علقمةَ قال: «بارَزْتُ رجلًا يومَ القادِسِيَّةِ، فبَلَغَ سَلَبُه اثْنَيْ عشرَ ألْفًا، فنَفَّلَنِيه سعدٌ».

قال الشافعي: فالذي لا أشُكُّ فيه: أن يُعْطَى السَّلَبَ مَنْ قَتَلَ مُشْرِكًا، مُقْبِلًا، يُقاتِلُ، مِنْ أيّ وجهٍ قَتَلَه، مُبارِزًا أو غيرَ مُبارِزٍ (٢)، وقد أعْطَى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَلَبَ مَرْحَبٍ مَنْ قَتَلَه مُبارِزًا، وأبو قتادةَ غيرُ مبارِزٍ، ولكنّ المقْتُولَيْن مُقْبِلانِ، ولقَتْلِهما مُقْبِلَيْن والحربُ قائمةٌ مَؤُونَةٌ ليستْ له إذا انْهَزَمُوا أو انْهَزَمَ المقتولُ (٣)، وفي حديثِ أبي قَتادةَ ما دَلَّ على أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا له عليه بَيِّنَةٌ» يومَ حُنَيْنٍ بعدما قَتَلَ أبو قَتادةَ الرَّجُلَ، وإعطاءُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ذلك حُكْمٌ عندنا.

(١٩٠٢) قال: ولو ضَرَبَه ضَرْبَةً فقَدَّ يَدَيْه أو رِجْلَيْه ثُمّ قَتَلَه آخَرُ .. فإنّ


(١) قوله: «ابتعت به مَخْرَفًا»؛ يعني: نخلًا، والمخرف في غير هذا الموضع: الطريق، وقوله: «إنه لَأَوَّل مال تأثلته»؛ أي: اقتنيته واتخذته عُقْدةً تُغِلُّ علي ويبقى لي أصلها، وأَثْلةُ كل شيء: أصله. «الزاهر» (ص: ٣٨٤) و «الحلية» (ص: ١٦١).
(٢) في هامش س: «قال شيخ الإسلام: إنما نفى الإمام الشافعي الشك في إخراج السلب من رأس المال؛ لأحاديث تواترت عنده وكثرت رواتها، لا أنه نفاه في إعطاء السلب للقاتل، سواء كان مبارزًا أو [غير] مبارز بالشروط المعتبرة، و «مَنْ» في قوله: «من قتل» نابت عن الفاعل، بني الفعل - وهو: «يعطى» - له، و «السلب» مفعول به، و «مقبلًا» صفة لـ «مشركًا»، فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون حالًا من «من»؟ .. فالجواب: لأنه لا يشترط في المسلم المقاتل أن يكون مقبلًا؛ لأنه ما دخل الحرب إلا على ذلك، وإنما ذلك شرط في المشرك». قال عبدالله: كلمة «غير» زدتها على ما ورد في الهامش للمعنى. والله أعلم.
(٣) «الهزيمة» من الهزيم، وهو الكسر، يقال: «هزمت الشيء»: إذا كسرتَه. «الحلية» (ص: ١٦١).