(١٩٥٣) قال الشافعي: فَرَضَ اللهُ على أهْلِ دِينِه المسلمين في أمْوالِهم حقًّا لغَيْرِهم مِنْ أهْلِ دِينِه المسلمين المحْتاجِين إليه، لا يَسَعُهم حَبْسُه عمّن أمِرُوا بدَفْعِه إليه أو وُلاتِه.
(١٩٥٤) ولا يَسَعُ الوُلاةَ تَرْكُه لأهْلِ الأمْوالِ؛ لأنّهم أمَناءُ على أخْذِه لأهلِه، ولم نَعْلَمْ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أخَّرَها عامًا لا يأخُذُها فيه، وقال أبو بكر الصديق:«لو مَنَعُوني عَناقًا ممّا أعْطَوْا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، لقاتَلْتُهم عليها»(١).
(١٩٥٥) قال: وإذا أخِذَتْ صَدَقَةُ مسلمٍ دُعِيَ له بالأجرِ والبركةِ؛ كما قال الله:{وصلِّ عليهم}[التوبة: ١٠٣]؛ أي: ادْعُ لهم.
(١٩٥٦) قال: والصدقةُ هي الزكاةُ، والأغْلَبُ على أفْواهِ العامّةِ أنّ الثَّمَرَ عُشْرٌ، والماشيةَ صدقةٌ، والوَرِقَ زكاةٌ، وقد سَمَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا كُلَّه صدقةً.
(١٩٥٧) فما أُخِذَ مِنْ مُسْلمٍ، مِنْ زكاةِ مالٍ ناضٍّ، أو ماشيةٍ، أو زرعٍ، أو زكاةِ فِطْرٍ، أو خُمُسِ رِكازٍ، أو صدقةِ مَعْدِنٍ، أو غيرِه ممّا وَجَبَ عليه في مالِه بكتابٍ أو سُنّةٍ أو إجماعِ عوامِّ المسلمِين .. فمعناه واحدٌ، وقَسْمُه واحدٌ، وقَسْمُ الفَيْءِ خلافُ هذا، و «الفَيْءُ»: ما أخِذَ مِنْ مُشْرِكٍ تَقْوِيَةً لأهلِ دينِ الله، وهو موضوعٌ في غيرِ هذا الموْضِعِ، وقَسْمُ الصدقةِ كما قال الله تبارك وتعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم
(١) وفي حديث آخر: «لو منعوني عقالًا»، فأما العَناق من أولاد المعزى .. فهي الأنثى التي لم تستكمل سنة ولم تُجذِع، وجمعها: عُنُوقٌ، وأما العِقال .. فله معنيان؛ أحدهما: أن العقال في كلامهم صدقةُ عامٍ، يقال: أخذ منا عقال هذا العام؛ أي: أخذ منا صدقة عامنا على مواشينا، والثاني: أن المُصدِّق كان إذا أخذ فريضة من الإبل أخذ من صاحب الإبل عقالها؛ ليعقلها به وقت نزوله؛ لأنها إن لم تُعقَل نزعت إلى أُلّافها فرجعت إليها، فذكر العقال تقليلًا لما يقاتل عليه توكيدًا. «الزاهر» (ص: ٣٩٢).