(٢) أي: غَنَّمَهم وأعطاهم إياها، قال أبو اسحاق النحوي في قول الله عز وجل: {وَإِذَا مَسَّ الإنسان ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ} [الزمر: ٨] قال: «خَوَّلَهُ» أعطاه ذلك تفضلًا منه، وكل من أعطى شيئًا على غير جزاء فقد خَوَّل، ويقال لخدم الرجل: خَوَلُه؛ لأنهم من عطاء الله عز وجل. «الزاهر» (٣٩٧). (٣) كلام المزني في المؤلفة جاء مختلطًا يحتاج إلى ترتيب أصناف، وخلاصته أنهم عند الشافعي ضربان: الضرب الأول: الضرب الثاني: مؤلفة المسلمين، وهم أصناف: الصنف الأول والثاني: قوم دخلوا في الإسلام ونيتهم ضعيفة فيُتأَلَّفون ليثبتوا، وآخرون لهم شرف في قومهم يُبتغَى بتألفهم رغبةُ نظرائهم في الإسلام، وأشار إلى هذين الصنفين بصورة عُيَيْنة بن حصن والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس، وفيهما قولان: أحدهما - المنع؛ لاستغناء الإسلام عن التألف، ولم ينقل عن عمر ولا عن عثمان ولا عن علي -رضي الله عنهم- الإعطاء بذلك، والثاني - أنهما يُعطِيان؛ تأسيًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعلى هذا من أي الأموال يُعطَوْن؟ فيه قولان: أحدهما - من سهم المصالح؛ لأنه من مصالح المسلمين، وثانيهما - من الزكاة؛ وعليه يحمل قوله تعالى: {والمؤلفة قلوبهم}. والصنف الثالث: قوم يُبتغَى بتألفهم أن يجاهدوا من يليهم من الكفار ومانعي الزكاة ويأخذوا زكاتهم، وأشار إلى هذا الصنف بصورة عدي بن حاتم والزِّبْرِقان بن بدر، فهؤلاء يُعطَوْن لا محالة؛ كيلا يحتاج الإمام إلى بعث جيش إليهم، إذا ثقلت المؤنة، وبعدت الشقة، ومن أي الأموال يُعطَوْن؟ فيه ثلاثة أقوال: أحدها - من خمس الخمس سهم المصالح؛ لأنه من مصالح الإسلام، والثاني - من سهم المؤلفة؛ لأن المقصود تألفهم واستمالتهم، والثالث - من سهم سبيل الله من الزكاة؛ لأنه تألف على الجهاد، والأكثرون أرسلوا ذكر الخلاف في هذه الصور وسكتوا عن الترجيح، والمذهب أنهم يُعطَون من الزكاة. والضرب الثاني من المؤلفة: مؤلفة الكفار، وهم الذين يميلون إلى الإسلام فيرغبون فيه بإعطاء مال، والذين نخاف شرهم فيُتألَّفون لدفع الشر، وأشار إليه بصورة صفوان بن أمية، فهؤلاء لا يُعطَوْن شيئًا من الزكاة؛ إذ لا حق فيها لكافر، وأما من غير الزكاة .. فقولان: أحدهما - يُعطَوْن من خمس الخمس؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعطيهم، ولنا فيه أسوة حسنة، وأظهرهما - المنع؛ لأن الله تعالى أعز الإسلام وأهله وأغنى عن التألف، وأشار بعضهم إلى رفع الخلاف وقال: لا يُعطَوْن إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة، أو تمس إليه الحاجة. انظر: «الحاوي» (٨/ ٤٩٩) و «العزيز» (١٢/ ٦٠٣) و «الروضة» (٢/ ٣١٣) و «المنهاج» (ص: ٣٦٨).