للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عُرُوضٌ يَقْضُون منها دُيُونَهم .. فهم أغنياءُ، لا يُعْطَوْن حتّى يَبْرَؤوا مِنْ الدَّيْنِ، ثُمّ لا يَبْقَى لهم ما يَكُونون به أغنياءَ.

وصِنْفٌ دانُوا في صَلاحِ ذاتِ بينٍ ومعروفٍ (١)، ولهم عُرُوضٌ تَحْتَمِلُ حَمالاتِهم أو عامَّتَها، وإنْ بِيعَتْ أضَرَّ ذلك بهم وإن لم يَفْتَقِرُوا، فيُعْطَى هؤلاء وتُوَفَّرُ عُرُوضُهم؛ كما يُعْطَى أهْلُ الحاجَةِ مِنْ الغارِمِين حتّى يَقْضُوا سَهْمَهُم.

واحْتَجّ بأنّ قَبِيصَةَ بنَ الْمُخارِقِ قال: تَحَمَّلْتُ بحَمالَةٍ، فأتَيْتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فسَألْتُه، فقال: نُؤدِّيها عنك - أو: نخرجها عنك - إذا قَدِمَ نَعَمُ الصدقةِ، يا قَبِيصَة، المسألةُ حُرِّمَتْ إلّا في ثلاثٍ: رجلٍ تَحَمَّلَ بحَمالَةٍ فحَلَّتْ له المسألةُ حتّى يُؤدِّيَها ثُمّ يُمْسِكَ، ورَجُلٍ أصابَتْه فاقَةٌ وحاجةٌ حتّى شَهِدَ - أو تَكَلَّمَ - ثلاثةٌ مِنْ ذَوِي الحِجا مِنْ قومِه أنّ به حاجةً وفاقةً، فحَلَّتْ له المسألةُ حتّى يُصِيبَ سِدادًا مِنْ عَيْشٍ - أو قِوامًا مِنْ عَيْشٍ (٢) - ثُمّ يُمْسِكَ، ورجلٍ أصابَتْه جائحةٌ فاجْتاحَتْ مالَه، فحَلَّتْ له الصدقةُ حتّى يُصِيبَ سِدادًا مِنْ عَيْشٍ - أو قِوامًا مِنْ عَيْشٍ - ثُمّ يُمْسِكَ، فما سِوَى ذلك مِنْ المسألةِ فهو سُحْتٌ»، قال الشافعي: فبِهَذا قُلْتُ في الغارِمِين، وقولُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «تَحِلُّ له


(١) «صلاح ذات البين»: صلاح حالة الوصل بعد المباينة، و «البين» يكون فرقة ويكون وصلًا، وهو ههنا بمعنى: الوصل، ومنه قوله عز وجل: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: ٩٤]؛ أي: تَقطَّعَ وَصْلُكم، وقولهم في الدعاء: «اللهم أصلح ذات البين»؛ أي: أصلح الحال التي بها يجتمع المسلمون، وقال الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: ١]، قال الزجاج: حقيقة وصلكم، قال: والبين الوصل، وقال ثعلب: «أراد الحالة التي للبين، ولذلك أنث، فقال: «ذات»، يقال: «أتيته ذات ليلة» وكذلك «أتيته ذات العشاء»؛ أي: الساعة التي فيها العشاء». قال الأزهري: «ذات تأنيث (ذا)، و (ذا) إشارة إلى شيء متراخٍ عنك، وذات إشارة إلى شيء مؤنثة، ثم يكنى بذات عن حقيقة الشيء وغايته، وهو معنى قول المتكلمين: (الصفات الذاتية)، وهذا على قول من يجعل بعض الصفات غير ذاتية، وهي عندنا كلها ذاتية، ليس منها شيء محدثًا». «الزاهر» (ص: ٣٩٨).
(٢) قوله: «أو قِوامًا من عيش» سقط من ظ.