للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسألةُ في الفاقةِ والحاجةِ» يعني والله أعلم: مِنْ سَهْمِ الفقراءِ والمساكين، لا الغارمين، وقولُه -صلى الله عليه وسلم-: «حتّى يُصِيبَ سِدادًا مِنْ عَيْشٍ» يعني والله أعلم: أقَلَّ اسْمِ الغِنَى (١).

ولقولِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «لا تَحِلُّ الصدقةُ لغَنِيٍّ إلّا لخمسةٍ: لغازٍ في سبيلِ اللهِ، أو لعامِلٍ عليها، أو لغارِمٍ، أو لرجلٍ اشْتَراها بمالِه، أو لرجلٍ له جارٌ مسكينٌ فتَصَدَّقَ على المسكينِ (٢)، فأهْدَى المسكينُ للغَنِيِّ»، فبهذا قُلْتُ: يُعْطَى الغازي والعاملُ وإنْ كانا غَنِيَّيْنِ، والغارِمُ في الحَمالَةِ على ما أبان -صلى الله عليه وسلم-، لا عامٌّ.

(١٩٦٨) ويُقْبَلُ قولُ ابنِ السّبِيلِ بأنّه عاجِزٌ عن البلَدِ؛ لأنّه غيرُ قَوِيٍّ حتّى نَعْلَمَ قُوَّتَه بالمالِ، ومَن طَلَبَ بأنّه يَغْزُو أعْطِيَ، ومَن طَلَبَ بأنّه غارِمٌ أو عبدٌ بأنّه مُكاتَبٌ .. لم يُعْطَ إلّا ببَيِّنَةٍ؛ لأنّ أصْلَ الناسِ أنّهم غيرُ غارمين حتّى يُعْلَمَ غُرْمُهم، والعَبِيدُ غيرُ مُكاتَبِين حتّى تُعْلَمَ كِتابَتُهم، ومَن طَلَبَ بأنّه مِنْ المؤلَّفَةِ .. لم يُعْطَ إلّا بأن يُعْلَم ذلك وما وَصَفْتُ أنّه يَسْتَحِقُّه به.

(١٩٦٩) وسَهْمُ سبيلِ الله كما وَصَفْتُ يُعْطَى منه مَنْ أراد الغَزْوَ مِنْ


(١) أما تحمل الحَمَالة .. فإنه في الحرب تكون بين فريقين تقع فيها الدماء والجراحات، فيتحملها رجل ليصلح بذلك بينهم، ويحقن دماءهم، فيسأل فيها حتى يؤديها، والعرب تسمي الذين يتحملون الحمالة: الجُمَّة، وأصل الحَمَالة: الكفالة، والحميل: الكفيل، وأما الجائحة .. فهي المصيبة تحل بالرجل في ماله فتجتاحه كله حتى لا يبقى له شيء، فإذا كان للرجل زرع أو ثمر نخل أو كَرْمٍ فأصابتها عاهة أذهبتها فهي جائحة، إما أن ينقطع عنها الماء فيتعذر سقيها فتفسد، أو يصيبها حر مفرط أو صِرٌّ مفسد فيهلكها، كل ذلك من الجوائح، وقوله: «حتى يصيب سِدادًا من عيش»؛ أي: يصيب مالًا يَسُدُّ خَلَّتَه، وكذلك سِداد القارورة بالكسر، وسِداد الثغر: سَدُّه بالخيل والرجال ليمنعوا العدو من أن يهجم على المسلمين من قِبَلِه، وأما السَّداد بالفتح .. فهو الإصابة في المنطق والتدبير والرأي. «الزاهر» (ص: ٣٩٩).
(٢) كذا في ز ب س، وفي ظ: «المسلمين».