للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٠١٣) ورَوَتْ عائشةُ أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «أيُّما امرأةٍ نُكِحَتْ بغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّها فنِكاحُها باطلٌ - ثلاثا - فإن مسَّها فلها المهْرُ بما اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِها، فإن اشْتَجَرُوا - أو قال: فإن اخْتَلَفُوا - فالسُّلْطانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ له»، قال الشافعي: وفي ذلك دِلالاتٌ؛ منها: أنّ للوَلِيِّ شِرْكًا في بُضْعِها (١)، لا يَتِمُّ النكاحُ إلّا به، ما لم يَعْضُلْها (٢)، ولا نَجِدُ لشِرْكِه في بُضْعِها مَعْنًى إلّا فَضْلَ نَظَرِه لحِياطَةِ الموْضِعِ أن يَنالَها مَنْ لا يُكافِئُها نَسَبُه، وفي ذلك عارٌ عليه، وأنّ العَقْدَ بغيرِ وَلِيٍّ باطلٌ، لا يَجُوزُ بإجازةٍ، وأنّ الإصابَةَ إذا كانتْ بشُبْهَةٍ ففيها المهْرُ، ودُرِئَ الحَدُّ.

(٢٠١٤) قال: ولا وِلايَةَ لوَصِيٍّ؛ لأنّ عارَها لا يَلْحَقُه، وجَمَعَت الطريقُ رُفْقَةً فيها امرأةٌ ثَيِّبٌ، فوَلَّتْ رجلًا منهم أمْرَها، فزَوَّجَها، فجَلَدَ عُمَرُ بنُ الخطاب النّاكِحَ والمُنْكِحَ، ورَدَّ نِكاحَهُما.

(٢٠١٥) وفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الأيِّمُ أحَقُّ بنَفْسِها مِنْ وَلِيِّها، والبِكْرُ تُسْتَأذَنُ في نَفْسِها، وإذْنُها صُماتُها» (٣) .. دَلالَةٌ على الفَرْقِ بين الثَّيِّبِ والبِكْرِ


(١) «البُضْع» بالضم: يطلق على الفرج والجماع، ويطلق على التزويج أيضًا، وهو المراد هنا، والمراد بأن للولي شركًا في بضع المرأة: أنه يُعيَّر إذا تزوجت بمن لا يكافئها بما يلحق نسبه من الشَّنار، لا أنه يستحق منها أمرًا؛ كما قال إمام الحرمين في «النهاية» (١٢/ ٩٧). وانظر في معنى «البضع» «الزاهر» (ص: ٤٠٦) و «المصباح» للفيومي.
(٢) «ما لم يعضلها»؛ أي: ما لم يمنعها عن التزويج، يقال: «عَضَلَ الرجلُ أيِّمَه»: إذا منعها من النكاح الذي أباحه الله عز وجل لها. «الزاهر» (ص: ٤٠٦) و «الحلية» (ص: ١٦٥).
(٣) قال الأزهري في «الزاهر» (ص: ٤٠٦): «(أحق) في كلام العرب له معنيان: أحدهما - استيعاب الحق كله؛ كقولك: (فلان أحق بماله من غيره)؛ أي: لا حق لأحد فيه سواه. والثاني - على ترجيح الحق وإن كان للآخر فيه نصيب، وهو معنى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، جعلها أحق بنفسها في أن لا يفتات عليها الولي فيزوجَها دونها، ولم يَنفِ هذا اللفظَ حقُّ الولي بأنه هو الذي يعقد عليها وينظر لها، وهذا كقولك: (فلان أحسن وجهًا من فلان)، وليس في هذا نفي حسن الوجه عن الآخر، ولكنه على وجهه التفضيل والترجيح».