للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في أمْرَيْن: أحدهما - أنّ إذْنَ البِكْرِ: الصَّمْتُ، والتي تُخالِفُها: الكَلامُ، والآخر - أنّ أمْرَهُما في وِلايَةِ أنْفُسِهِما مُخْتَلِفٌ، فوِلايَةُ الثَّيِّبِ أنَّها أحَقُّ مِنْ الوَلِيِّ، والوَلِيُّ ههنا: الأبُ - والله أعْلَمُ - دون الأوْلِياء.

(٢٠١٦) ومِثْلُ هذا: حَديثُ خَنْساءَ بنتِ خِدامٍ، زَوَّجَها أبوها وهي ثَيِّبٌ، فكَرِهَتْ ذلك، فرَدَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إنْكاحَه، وفي تَرْكِه أن يَقُولَ لخَنْساءَ: إلا تَشائِي (١) أنْ تُجِيزِي ما فَعَلَ أبوكِ .. دَلالَةٌ أنّها لو أجازَتْه ما جازَ، والبِكْرُ مُخالِفَةٌ لها؛ لاخْتِلافِهما في لَفْظِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ولو كانتا سواءً كان لَفْظُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: أنّهما أحَقُّ بأنْفُسِهما، وقالت عائشة: «تَزَوَّجَنِي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا بِنْتُ سَبْعِ سنين، [ودَخَلَ بي وأنا بِنْتُ تِسْعِ سنين (٢)»، وهي لا أمْرَ لها، ولو كانتْ إذا بَلَغَتْ أحَقَّ بنَفْسِها .. أشْبَهَ أن لا يجوزَ ذلك عليها قَبْلَ بُلوغِها؛ كما قُلْنا في المولود يُقْتَلُ أبُوه: يُحْبَسُ قاتِلُه حتّى يَبْلُغَ، فيَقْتُلَ أو يَعْفُوَ.

(٢٠١٧) قال: والاسْتِئمارُ للبِكْرِ على اسْتِطابَة النَّفْسِ، قال اللهُ لنَبِيِّه -صلى الله عليه وسلم-: {وشاورهم في الأمر} [آل عمران: ١٥٩]، لا على أنّ لأحَدٍ رَدَّ ما رأى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكِنْ لاسْتِطابَةِ أنْفُسِهِم، وليُقْتَدَى بسُنَّتِه -صلى الله عليه وسلم- فيهم، وقد أمَرَ نُعَيْمًا أن يُؤامِرَ أمَّ ابْنَتِه (٣).

(٢٠١٨) قال المزني: قلت أنا (٤): ورُوِيَ عن الحَسَنِ، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا نِكاحَ إلّا بوَلِيٍّ وشاهِدَيْ عَدْلٍ» (٥)، قال المزني: ورَواه غيرُ


(١) كذا في ظ، وفي ز ب س: «إلا أن تشائي».
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من ب.
(٣) «يؤامر»؛ أي: يشاورها. «الزاهر» (ص: ٤٠٧).
(٤) «قلت أنا» من ب.
(٥) فهو مرسل، قال إمام الحرمين في «النهاية» (١٢/ ٤٨): «والشافعي يستحسن مراسيل الحسن».