للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢١٥٤) ولا أعْلَمُ في تأقِيتِ الخِيارِ شَيْئًا يُتَّبَعُ إلّا قَوْلَ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: «ما لم يَمَسَّها» (١).

(٢١٥٥) فإنْ أصابَها فادَّعَت الجَهالَةَ .. ففيها قولان: أحَدُهما - لا خِيارَ لها، والآخر - لها الخيارُ، وهذا أحَبُّ إلينا.

قال المزني: قلت أنا (٢): قد قَطَعَ بأنّ لها الخيارَ في كِتابَيْن، قلت: فلا مَعْنَى فيها لقَوْلَيْن (٣).

(٢١٥٦) قال الشافعي: فإن اخْتارَتْ فِراقَه ولم يَمَسَّها فلا صَداقَ لها، وإنْ أقامَتْ معه فالصَّداقُ للسَّيِّد؛ لأنّه وَجَبَ بالعَقْدِ.

(٢١٥٧) ولو كانتْ في عِدَّةِ طَلْقَةٍ فلها الفَسْخُ، فإنْ تَزَوَّجَها بعد ذلك فهي على واحدةٍ.


(١) هكذا ردد الشافعي القول في خيار العتق، «وحاصل ما نقله الأئمة من أقوال الشافعي ونصوصه في الكتب ثلاثة أقوال: أحدها - أنَّ خيارها يثبت على الفور، بمثابة خيار الرد بالعيب في البيع وما في معناه، وهذا أظهر الأقوال عند الأصحاب، والقول الثاني - إنه يثبت خيارها على التراخي من غير أن يُناط بأمَدٍ، ويدوم لها حقها إلى أن تُصَرِّح بإسقاطه، أو بالرضا بالمقام، أو يغشاها زوجها على طواعيةٍ منها وعلم بحقيقة الحال، فما لم يجر ما وصفناه فهي على خيارها، والقول الثالث - إنَّ خيارها يمتد ثلاثة أيام». انظر: «النهاية» (١٢/ ٤٦٦) و «العزيز» (١٣/ ٥٨١) و «الروضة» (٧/ ١٩٤).
(٢) «قلت أنا» من ب.
(٣) اختلف أصحابنا في محل القولين، فمن أصحابنا من قال: القولان فيما إذا ادعت الجهالةَ بالعتق، قال إمام الحرمين في «النهاية» (١٢/ ٤٧٠): «وهذا ساقطٌ من جهةِ أنَّ دعوتَها الجهالةَ بالعتقِ قولٌ يمكن الصدقُ فيه، فأيُّ معنًى في ترديد القولين في قبولها، وهي صاحبةُ الواقعةِ؟»، ومن أصحابنا من قال: القولان فيه إذا اعترفت بجريان العتق، وادعت الجهل بثبوت الخيار لها، وهذا المسلك أقرب قليلًا على ما قاله إمام الحرمين، وعليه خرج الشيخان القولين، فالقول الأول - إنها لا تُصَدَّق؛ كما لا يُصَدَّق المُطَّلِع على العيبِ في البيع إذا ادعى أنَّه لم يعلم بثبوت الخيار له شرعًا، والقول الثاني - إنه يُقبَل قولُ المعتَقةِ؛ فإنَّ الخيار مما لا يبعد الجهلُ به في حق عوامِّ الناس، وأما الرد بالعيب فإنه شائعٌ في العام والخاص، فادعاء الجهل فيه غير مقبول، وهذا أظهر. انظر: «العزيز» (١٣/ ٥٨٤) و «الروضة» (٧/ ١٩٤).