للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طلاقًا، فإنْ قيل: فقد يَكُونُ هذا طلاقًا فنَدِمَ فأتْبَعَها كلامًا يَخْرُجُ به منه .. قيل: فقد يَقُولُ: «لا إلهَ إلّا اللهُ»، فيَكُونُ مُؤمِنًا، يُبِينُ آخِرُ الكَلامِ عن أوَّلِه، ولو أفْرَدَ «لا إلهَ» كان كافرًا.

(٢٣١٩) قال: ولو قال: «أنْتِ خَلِيَّةٌ، أو بَرِيَّةٌ، أو بائنٌ، أو بَتَّةٌ، أو حَرامٌ (١)»، أو ما أشْبَهَه .. فإنْ قال: (قُلْتُه ولا أنْوِي طلاقًا، وأنا أنْوِي به السّاعَةَ طلاقًا) لم يَكُنْ طلاقًا حتّى يَبْتَدِئه ونِيَّتُه الطلاقُ وما أرادَ مِنْ عَدَدِه.

(٢٣٢٠) ولو قال: «أنْتِ حُرَّةٌ» يُرِيدُ الطلاقَ، ولأمَتِه: «أنْتِ طالقٌ» يُرِيدُ العِتْقَ .. لَزِمَه ذلك.

(٢٣٢١) ولو قال: «أنْتِ طالقٌ واحدةً بائنًا» كانَتْ واحدةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ؛ لأنّ اللهَ حَكَمَ في الواحدةِ والثِّنْتَيْن بالرَّجْعَةِ؛ كما لو قال لعَبْدِه: «أنْتَ حُرٌّ، ولا وَلاءَ لي عليك (٢)» كان حُرًّا وله الوَلاءُ، جَعَلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الوَلاءَ لمَنْ أعْتَقَ؛ كما جَعَل اللهُ تبارك وتعالى الرَّجْعَةَ لمَنْ طَلَّقَ واحدةً واثْنَتَيْن، وطَلَّقَ رُكانَةُ امْرَأتَه الْبَتَّةَ، فأحْلَفَه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: ما أراد إلّا واحدةً، ورَدَّها عليه، وطَلَّقَ المطَّلِبُ بنُ حَنْطَبٍ امْرأتَه الْبَتَّةَ، فقال له عمرُ: «أمْسِكْ عليك امْرَأتَك؛ فإنّ الواحدَةَ تَبُتُّ (٣)»، وقال عليٌّ لرَجُلٍ قال لامْرأتِه: «حَبْلُكِ على غارِبِكِ (٤)»: «ما أرَدْتَ؟»، وقال شريح: «أمّا الطّلاقُ فسُنَّةٌ،


(١) معنى «خلية»: أنها خلت منه وخلا منها، فهي خلية، «فعيلة» بمعنى «فاعلة»، ومعنى «برية»: أنها برئت منه وبرئ منها، ومعنى «حرام»: أنها ممنوعة منه، و «حرام» في الأصل مصدر، فلذلك وضع موضع «محرَّمة»؛ كما يقال: «رجل حرام»؛ أي: محرَّم، و «بائن» بغير هاء؛ كما قالوا: «طالق»؛ أي: بِنتِ مني وفارقْتِني، والبين: الفراق، و «البتة» من قولك: «بَتَتُّ الشيءَ»: إذا قطعتَه. «الزاهر» (ص: ٤٣٤) و «الحلية» (ص: ١٧٢).
(٢) كذا في ز ب س، وفي ظ: «لا ولاء لي عليك» بدون واو.
(٣) كذا في ظ ب س، وفي ز: «لا تبت» باللام.
(٤) قوله: «حبلك على غاربك» فأصله أن يُفسخَ خطامه عن أنفه ويُلقَى طرف الخطام على غاربه - وهو مقدم سنام البعير - ويُسيَّب في المراعي؛ لأنه إذا ترك مخطومًا لم يهنأه المرتع. وكان أهل الجاهلية يُطلِّقون بها. «الزاهر» (ص: ٤٣٦) «الحلية» (ص: ١٧٦).