للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأمْضُوه، وأما البَتَّة فبدعةٌ، فدَيِّنُوه (١)»، قال الشافعي: ويَحْتَمِلُ طلاقُ البَتَّةِ يَقِينًا، ويَحْتَمِلُ الانْبِتاتَ الذي ليس بَعْدَه شَيْءٌ، ويَحْتَمِلُ واحدةً مُنبَتَّةً منه حتّى يَرْتَجِعَها، فلمّا احْتَمَلَتْ مَعانِيَ جُعِلَتْ إلى قائلِها.

(٢٣٢٢) قال: ولو كَتَبَ بطلاقِها .. فلا يَكُونُ طلاقًا إلّا بأن يَنْوِيَهُ؛ كما لا يَكُونُ ما خالَفَ الصَّرِيحَ طلاقًا إلّا بأن يَنْوِيَه (٢)، فإنْ كَتَبَ: «إذا جاءك كتابي» .. فحتّى يأتِيَها (٣)، وإن كَتَبَ: «أمّا بَعْدُ، فأنْتِ طالقٌ» .. طَلَقَتْ حين كَتَبَ، وإنْ شُهِدَ عليه أنّ هذا خَطُّه لم يَلْزَمْه حتّى يُقِرَّ به (٤).

(٢٣٢٣) ولو قال لامْرأتِه: «اخْتارِي»، أو: «أمْرُكِ بيَدِكِ»، فطَلَّقَتْ نَفْسَها، فقال: (ما أرَدْتُ طلاقًا) .. لم يَكُنْ طَلاقًا إلّا أن يُرِيدَه، ولو أراد طلاقًا، فقالتْ: «قد اخْتَرْتُ نَفْسِي» .. سُئِلَتْ، فإنْ أرادَتْ طلاقًا فهو طلاقٌ، وإن لم تُرِدْه فليس بطلاقٍ، ولا أعْلَمُ خلافًا أنّها إن طَلَّقَتْ نَفْسَها


(١) «ديِّنُوه»؛ أي: مَلِّكوه أمره، من قولك: «دِنْتُه»؛ أي: مَلَكتُ أمره، ويقال: معنى قوله: «دَيِّنُوه»: قَلِّدوه أمره، قال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٤٣٦): «والأول أصح».
(٢) إلى هنا من قوله: «كما لا يكون … » سقط من ظ.
(٣) كذا في ظ ز س، وفي ب: «فحين يأتيها».
(٤) نص هنا على أنه إن كتب بطلاق زوجته ونوى ولم يقرأ وقع الطلاق، ونصَّ في «الإملاء» على أنه إذا كتب ونوى لم يقع طلاقه، وقال في «كتاب الرجعة» [ف: ٢٣٧٠]: «ولا يكون رجعةٌ إلا بكلام؛ كما لا يكون نكاح ولا طلاق إلا بكلام»، فاختلف أصحابنا على طرق: أصحها - في المسألة قولان: أحدهما - أن الطلاق لا يقع؛ لأن الكاتب قادر على العبارة، فليعبر عن غرضه، وأظهرهما - أن الطلاق يقع؛ لأن الكتابة مما يتفاهم بها العقلاء، وهي أحد البيانين، والطريق الثاني - يقع الطلاق بالكتابة مع النية قولًا واحدًا، وما ذكره في الرجعة قصد به الردَّ على أبي حنيفة في مصيره إلى أن الوطء رجعة، ونصُّ الإملاء محمول على الأخرس أو على الغائب. انظر: «النهاية» (١٤/ ٧٤) و «العزيز» (١٤/ ٥٩٧) و «الروضة» (٨/ ٤٠).