للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(٢٣٨٤) قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم * وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم} [البقرة: ٢٢٦ - ٢٢٧] (١)، ففي ذلك دَلالَةٌ - والله أعلم - على أن لا سبيلَ على الْمُولِي لامْرأتِه حتّى تَمْضِيَ أرْبَعَةُ أشْهُرٍ؛ كما لو ابْتاعَ بَيْعًا أو ضَمِنَ شَيْئًا إلى أرْبَعَةِ أشْهُرٍ لم يَكُنْ عليه سَبِيلٌ حتّى يَمْضِيَ الأجلُ، وقال سليمانُ بنُ يَسارٍ: «أدْرَكْتُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ أصحابِ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- كُلُّهُمْ يُوقِفُون المُولِي»، وكان عليٌّ وعثمانُ وعائشةُ وابنُ عمر وسليمانُ بنُ يَسارٍ يُوقِفُون المُولِي.

(٢٣٨٥) قال: والمُولِي مَنْ حَلَفَ بيَمِينٍ يَلْزَمُه بها كَفّارَةٌ (٢).

(٢٣٨٦) ومَن أوْجَبَ على نَفْسِه شَيْئًا يَجِبُ عليه إذا أوْجَبَه إنْ جامع امْرَأتَه، فهو في مَعْنَى الْمُولِي (٣).


(١) «الإيلاء»: مصدر «آلى يؤلي»: إذا حلف، وهي «الألِيَّةُ، والأَلْوَة، والأُلْوَة، والإِلْوَة»، ويقال: «ائْتَلَى وتَأَلَّى»: إذا حلف، قال الله عز وجل: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة} [النور: ٢٢]، و «التربص»: الانتظار، و «الفيء»: الرجوع إلى الجماع الذي حلف ألا يفعله، يقال: «فاء الظل»: إذا رجع من جانب المشرق إلى جانب المغرب، و «العزم على الطلاق»: أن يعزم عليه بقلبه فيمضيه بلسانه، ولا يكون طلاق بالنية دون فعل اللسان أبدًا، قال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٤٤٢): «وظاهر الآية يدل على أن إيلاءه ألا يجامعها لم يكن طلاقًا، وأنه جعل له انتظار تمام أربعة أشهر لا يطالب فيها بالفيء، فلم تَطْلُق المرأةُ، ولم يُطَلِّق الزوجُ، ولا نوى طلاقًا، ولم تملك أمرها، وقد جعل إلى زوجها عزيمة الطلاق ولما يطلق، والذي يقول: عزيمة الطلاق انقضاء أربعة أشهر من يوم آلى، فإن كانت النيه طلاقًا دل عليها انقضاء أربعة أشهر، فينبغي أن تعتد من يوم آلى، وهذا خارج من اللسان وظاهر التنزيل». وانظر: «الحلية» (ص: ١٧٥).
(٢) وجوب الكفارة بالإيلاء هو مذهب الشافعي الجديد، وفي القديم قولان: أحدهما - مثل الجديد، والثاني - أنه لا كفارة عليه؛ لأن الإيلاء باقتضاء الفيئة أو الطلاق قائم مقام المؤاخذة. انظر: «العزيز» (١٥/ ٣٣١) و «الروضة» (٨/ ٢٣٠).
(٣) هذا الجديد أنه إن علق بالوطء حكمًا يقع كالطلاق والعتاق، أو التزام أمر يفرض لزومه بالنذر .. صح الإيلاء، وفي القديم ليس بمولٍ ما لم يحلف بالله تعالى، والتفريع في مسائل الباب على الجديد. انظر: «الحاوي» (١٠/ ٣٤٣) و «النهاية» (١٤/ ٣٨٧).