للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(٢٥١٦) قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم - إلى قوله: - والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين} [النور: ٦ - ٩] (١)، قال: فكان بَيِّنًا في كِتابِ اللهِ عزّ وجلّ أنّه أخْرَجَ الزَّوْجَ مِنْ قَذْفِ المرأةِ بالْتِعانِه؛ كما أخْرَجَ قاذِفَ المحْصَنَةِ غَيْرَ الزَّوْجَةِ بأرْبَعَةِ شُهُودٍ ممّا قَذَفَها به، وفي ذلك دَلالَةٌ أنْ ليس على الزَّوْجِ أن يَلْتَعِنَ حتّى تَطْلُبَ المقْذُوفَةُ حَدَّها؛ كما ليس على قاذِفِ الأجْنَبِيَّةِ حَدٌّ حتّى تَطْلُبَ حَدَّها.

(٢٥١٧) قال: ولمّا لم يَخُصَّ اللهُ جل ذِكرُه أحَدًا مِنْ الأزْواجِ دُونَ غَيْرِه، ولم يَدُلَّ على ذلك سُنَّةٌ ولا إجماعٌ .. كان على كُلِّ زَوْجٍ جاز طَلاقُه ولَزِمَه الفَرْضُ، وكذلك على كُلِّ زوجةٍ لَزِمَها الفَرْضُ، ولعانُهم كُلِّهِم سواءٌ، لا يَخْتَلِفُ القَوْلُ به والفُرْقَةُ ونَفْيُ الوَلَدِ، وتخْتَلِفُ الحدُودُ لمَن وَقَعَتْ له وعليه، وسواءٌ قال: «زَنَتْ»، أو: «رأيْتُها تَزْني»، أو: «يا زانية»؛ كما يَكونُ ذلك سواءً إذا قَذَفَ أجْنَبِيَّةً.

(٢٥١٨) وقال في كتاب النكاح والطلاق «إملاء على مسائل مالك»: ولو جاءتْ بحَمْلٍ وزَوْجُها صَبِيٌّ دون العَشْرِ .. لم يَلْزَمْه؛ لأنّ العِلْمَ يُحِيطُ


(١) في ب ذكرت الآيات كاملة دون اقتصار: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩)، قال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٤٤٦): معنى الشهادات: الأيمان، وإنما قيل لهذا (لعان)؛ لما عقب الأيمان من اللعنة والغضب إن كانا كاذبين، وأصل «اللعن»: الطرد والإبعاد، يقال: «لعنه الله»؛ أي: باعده الله، و «الْتَعَن الرجل»: إذا لعن نفسه من تلقاء نفسه، فقال: عليه لعنة الله إن كان كاذبًا، و «التلاعن» و «اللعان» لا يكونان إلا من اثنين، يقال: «لاعن امرأته لعانًا ومُلاعَنة» و «قد تلاعنا والتعنا» بمعنًى واحد، و «قد لاعن الإمام بينهما فتلاعنا»، و «رجل لُعَنَة»: إذا كان يلعن الناس كثيرًا، و «رجل لُعْنَة» بسكون العين: إذا كان يلعنه الناس. وانظر: «الحلية» (ص: ١٨٢).