(٢) مقصود الشافعي من هذا الفصل: أن يبين الفرق بين حديث العسيف وبين حديث شريك بن السحماء، والموضع الذي يحتاج فيه إلى الفرق: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يبعث إلى شريك في المشهور من الرواية، وبعث إلى المرأة في حديث العسيف أُنَيسًا، ثم إن في سواد الكتاب إشكالين وراء هذا الفرق: أحدهما - أن الشافعي أطلق لفظه فقال: «وليس للإمام إذا رُمي رجل بزنا أن يبعث إليه فيسأله»، وهذا كيف يستقيم مع روايته أن امرأة رميت بالزنا فبعث إليها، وإزالة هذا الإشكال بأن يقال: إنما أراد الشافعي بهذا الإطلاق صورة مخصوصة، وهي إذا رمى رجل رجلًا بامرأته وتلاعنا أو أراد أن يلاعن، فليس للإمام في مثل هذا الموضع أن يبعث إلى المرمي؛ لأن المرمي لا يستحق حد القذف على الزوج الملاعن، فالبعث إليه محض التجسس، والإشكال الثاني - في السواد أن الشافعي روى ههنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سأل شريكًا فأنكر فلم يحلفه، وهذا يرفع ما ادعى الشافعي أن مقذوف الزوج الملاعن لا يسأل لأنه تجسس، وإزالة هذا الإشكال بأن الرواية قد اختلف في حديث شريك، ففي رواية: «لم يستحضر»، وفي رواية أنه استحضر، فقصد الشافعي الكلام على إحدى الروايتين. انظر: «البحر» للروياني (١٠/ ٣٤٨).