للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أقَرَّ به لَحِقَه وأخَذَ حِصَّتَه مِنْ دِيَتِه ومالِه؛ لأنّ أصْلَ أمْرِه أنّ نَسَبَه ثابِتٌ، وإنّما هو مَنْفِيٌّ ما كان أبُوه مُلاعِنًا مُقِيمًا على نَفْيِه.

قال المزني: ومِثْلُ قولِ الشّافِعِيِّ أنّ الوَلَدَ مَنْفِيٌّ ما دام [الوَالِدُ] مُقِيمًا على نَفْيِه: حَديثُ ماعِزِ بنِ مالكٍ أنّه أقَرَّ بالزِّنا، فأمَرَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- برَجْمِه، فأُخْبِرَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه هَرَبَ، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «هلا تَرَكْتُمُوه؟»، أي: لَعَلَّه كان يَرْجِعُ فيَزُولَ عنه الرَّجْمُ؛ لأنّ الحدَّ عليه ما دام مُقِيمًا على ذلك، ومِثْلُه المرْتَدُّ حَرامُ الدَّمِ قَبْل ارْتِدادِه، فحَلَّ دَمُه ما دام مُقِيمًا على ارْتِدادِه، فإذا رَجَعَ إلى الإسلامِ زال عنه حُكْمُ القَتْلِ ورَجَعَ إلى تحريمِ الدَّمِ، كذلك الوَلَدُ ثابِتُ النَّسَبِ، يُنْفَى عنه باللِّعانِ، فيَكُونُ مَنْفِيًّا ما دام الرَّجُلُ مُقِيمًا على نَفْيِه، فإذا رَجَعَ فعليه الحدُّ، والنَّسَبُ راجِعٌ إلى الثُّبُوتِ كما كان ثابِتًا قَبْلَ النَّفْيِ واللِّعانِ، قال المزني: هذان الحديثانِ سُنَّتانِ على قَوْلِ الشافعيِّ (١).

(٢٥٧٥) قال [الشافعي (٢): ولو قال لامْرأتِه: «يا زانيةُ»، فقالَتْ: «زَنَيْتُ بكَ»، وطَلَبا جميعًا ما لهما .. سألْناها، فإن قالَتْ: عَنَيْتُ أنّه أصابَنِي وهو زَوْجِي .. حَلَفَتْ ولا شَيْءَ عليها، ويَلْتَعِنُ أو يُحَدُّ، وإن قالَتْ: زَنَيْتُ به قبل يَنْكِحُنِي .. فهي قاذِفَةٌ له، وعليها الحَدُّ، ولا شَيْءَ عليه؛ لأنّها مُقِرَّةٌ له بالزِّنا، ولو كانَتْ قالَتْ له: «بل أنْتَ أزْنَى مِنِّي» .. فلا شَيْءَ عليها؛ لأنّه ليس بقَذْفٍ إذا لم تُرِدْ به قَذْفًا، وعليه الحدُّ أو اللِّعانُ.

(٢٥٧٦) ولو قال لها: «أنْتِ أزْنَى مِنْ فلانَةَ»، أو: «أزْنَى النّاسِ» .. لم يَكُنْ هذا قَذْفًا إلّا أن يُرِيدَ به قَذْفًا.


(١) الفقرة من كلام المزني من نسخة س فقط من سواده، ولا وجود لها في سائر النسخ، وكلمة «الوالد» بين المعقوفتين كذا أثبته، وهي في المخطوط: «الولد».
(٢) كلمة «الشافعي» زدتها على النسخ لمكان المزني قبله.