للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٥٩٣) قال الشافعي: ولو قال: «زَنَى فَرْجُكِ»، أو: «يَدُكِ»، أو: «رِجْلُكِ» .. فهو قَذْفٌ، وكُلُّ ما قالَه فكان يُشْبِهُ القَذْفَ إذا احْتَمَل غَيْرَه لم يَكُنْ قَذْفًا، أتَى رَجُلٌ مِنْ فَزارَةَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: «إنّ امْرَأتِي وَلَدَتْ غُلامًا أسْودَ»، فلم يَجْعَلْه النبي -صلى الله عليه وسلم- قَذْفًا، قال الله: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} [البقرة: ٢٣٥]، فكان خلافًا للتَّصْرِيحِ (١).

(٢٥٩٤) ولا يَكُونُ اللِّعانُ إلّا عند سُلطانٍ، أو عُدُولٍ يَبْعَثُهم السلطانُ.


(١) هذه المسألة ذكرها المزني في مختصره ولم يذكرها في جامعه، فجعل قوله لها: «زنى فرجك» أو: «يدك» أو: «رجلك» قذفًا، ولم يذكر الشافعي هذه المسألة إلا في القديم، فقال: «ولو قال: (زنى فرجك) فهو قاذف، وإن قال: (يدك) أو: (رجلك) .. فقد قال بعض الناس - يعني أبا حنيفة -: في البدن هو قاذف، وفي اليد والرجل لا يكون قاذفًا، ولا في العين»، قال الشافعي: «هذا كله ما عدا الفرج واحد»، ولم يصرح أنه واحد في القذف، فلم يختلف أصحابنا أنه إذا قال: «زنى فرجك» أنه قاذف، وإذا قال: «زنت عينك» لم يكن قاذفًا، واختلفوا فيما سوى ذلك من الأعضاء هل يكون قاذفًا بإضافة الزنا إليها أم لا؟ على ثلاثة أوجه: أحدها - لا يكون قاذفًا، قال الماوردي: «وهو قول أبي إسحاق المروزي وأبي علي بن أبي هريرة، وهو ظاهر كلام الشافعي في القديم، ونسبوا المزني إلى الخطأ في نقله»، والوجه الثاني - أنه يكون بجميع ذلك قاذفًا كالفرج على ما نقله المزني كما يستوي جميعه في الطلاق، والوجه الثالث - أنه إذا قال: «زنا بدنك» كان قاذفًا، ولو قال: «زنت يدك أو رجلك أو رأسك» لم يكن قاذفًا؛ لأن البدن هو الجملة التي فيها الفرج، فلم يجز أن يكون بالفرج قاذفًا وبالبدن الذي منه الفرج ليس بقاذف، قال الماوردي: «وهو الصحيح عندي، وبه قال أبو العباس بن سريج»، قال عبدالله: ما صححه الماوردي هو المذهب عند النووي أيضًا. انظر: «الحاوي» (١١/ ١٢٩) و «العزيز» (١٥/ ٥٩٧) و «الروضة» (٨/ ٣١٧).