للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(٢٧٢٠) قال الشافعي: ولو جَبَنَ اللَّبَنَ فأطْعَمَه كان كالرَّضاعِ.

(٢٧٢١) ولا يُحَرِّمُ لَبَنُ بَهِيمَةٍ، إنّما يُحَرِّمُ لَبَنُ الآدَمِيّاتِ، قال الله تعالى: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم} [النساء: ٢٣]، وقال: {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن} [الطلاق: ٦].

(٢٧٢٢) ولو حَلَبَ منها رَضْعَةً خامِسَةً ثُمّ ماتَتْ فأُوْجِرَهُ صَبِيٌّ (١) .. كان ابْنَها، ولو رَضَعَ منها بعد مَوْتِها .. لم يَحْرُمْ؛ لأنّه لا يَحِلُّ لَبَنُ الميِّتَةِ.

(٢٧٢٣) ولو حُلِبَ مِنْ امْرَأةٍ لَبَنٌ كثيرٌ ففُرِّقَ ثُمّ أُوجِرَ منه صَبِيٌّ مرَّتَيْن أو ثلاثًا .. لم يَكُنْ إلّا رَضْعَةً واحدةً، وليس كاللَّبَنِ يَحْدُثُ في الثَّدْيِ، كُلَّما خَرَجَ منه شيءٌ حَدَثَ غيرُه (٢).

(٢٧٢٤) ولو تَزَوَّجَ صغيرةً، ثُمّ أرْضَعَتْها أمُّه أو ابْنَتُه، مِنْ نَسَبٍ أو رَضاعٍ، أو امْرأةُ أبِيه من نَسَبٍ أو رَضاعٍ بلَبَنِ أبِيه .. حَرُمَتْ عليه الصَّغيرةُ أبَدًا، وكان لها عليه نِصْفُ المهْرِ، ورَجَعَ على التي أرْضَعَتْها بنِصْفِ صَداقِ مِثْلِها؛ لأنّ كُلَّ مَنْ أفْسَدَ شَيْئًا ضَمِنَ قِيمَةَ ما أفْسَدَ خطأً أو عَمْدًا (٣).


(١) كذا في ظ ب س، وفي ز: «فأوجَره صبيًّا».
(٢) هكذا نقل المزني والربيع أنها رضعة واحدة، ثم قال الربيع: «وفيه قول آخر: أنها خمس رضعات»، وللأصحاب طريقان: المذهب منهما - أن في المسألة قولين: أحدهما وبه قال أبو إسحاق - أنها خمس رضعات، تنزيلًا للإناء المنتقل منه منزلة الثدي، واعتبارًا بالوصول إلى جوف الصبي، وأظهرهما عند أكثر الأصحاب - أنها رضعة واحدة؛ لأنه انفصل دفعة واحدة، والطريق الثاني - القطع بأنها رضعة، وجعل ما نقله الربيع من كيسه، ويحكى هذا عن القاضي أبي حامد. انظر: «العزيز» (١٦/ ٤٣٠) و «الروضة» (٩/ ٩).
(٣) كذا في ظ، وفي ز ب س: «بخطأٍ أو عمدٍ»، ثم إن الشافعي هنا نصّ أن المرضعةَ تغرَم نصف مهر المثلِ قبل الدخول، ونص على أن الشهود إذا شهدوا على الطلاق قبل الدخول ورجعوا عن الشهادة بعد نفوذ الحكم غرِموا تمامَ مهر المثل، واختلف أصحابنا في النصين: فمنهم من قال: فيهما قولان بالنقل والتخريج، وجه وجوب الجميع: أن قيمة البضع مهر المثل، وإتلاف الشيء المتقوم يوجب قيمته، ووجه الآخر: أن الزوج لا يغرم إلا النصف، فلا تغرم له إلا النصف، وهذه طريقة الإصطخري، ومن أصحابنا من أقر النصين قرارهما وقال: على المرضعة نصفُ مهر المثل قبل المسيس، وعلى الشهود إذا رجعوا تمامُ مهر المثل، والفرق: أن المرضعة قطعت النكاح بالإرضاع ظاهرًا وباطنًا، فقرب تشبيه ما تلتزمه من قيمة البضع بما يلتزمه الزوج من المسمّى إذا طلق قبل الدخول، والشهود لم يقطعوا النكاح باطنًا، وإنما أثبتوا حيلولةً لا مطمع في رفعها، والنكاح على زعمهم دائم، والطَّلِبة بتمام المسمى متوجهة على الزوج مع دوام النكاح قبل المسيس، وهذه طريقة أبي إسحاق، ومن أصحابنا من أقر النص في الشهود وخرّج في المرضعة قولًا أنها تلتزم تمام مهر المثل. قال إمام الحرمين: «وهذا أقسط الطرق»، والأظهر: يجب عليها نصف مهر المثل. انظر: «النهاية» (١٥/ ٣٦٣) و «العزيز» (١٦/ ٤٧٩) و «الروضة» (٩/ ٢١).