للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(٢٨٥)

مختصر وجوب النفقة للزوجة

من كتاب النفقة وعِشْرة النساء، ومن الطلاق، ومن أحكام القرآن، ومن كتاب النكاح إملاء على مسائل مالك

(٢٧٤٨) قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: {ذلك أدنى ألا تعولوا} [النساء: ٣]؛ أي: لا يَكْثُرُ مَنْ تَعُولُون (١).


(١) ذهب أكثر أهل التفسير إلى أن قوله تعالى: «ألا تعولوا» معناه: ألا تجوروا ولا تميلوا، وأما ما قاله الشافعي: لا يَكثُرُ مَنْ تعولون .. فأنكره عليه ابن داود الأصبهاني في جملة حروف أخرجها من كلامه ونسبه إلى الخطأ فيها من جهة اللغة، وحكى إجماع أهل اللغة على أن العول الجور، وكلامه مردود؛ فإن أحمد بن يحيى ثعلبًا روى عن سلمة عن الفراء عن الكسائي أنه قال: «سمعت كثيرًا من العرب يقول: (عال الرجل): إذا كثر عياله»، قال: «و (أعال) أكثر من (عال)»، قال أبو منصور: «وإذا قال مثل الكسائي في كثرته وثقته في (عال): إنه يكون بمعنى: كثر عياله، ولم يخالفه الفراء ولا أحمد بن يحيى .. فهو صحيح، ولغات العرب كثيرة، والشافعي لم يقل ما قاله حتى حفظه، وقد روى عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم مثل قوله»، قال: «والذي يقرب عندي في قول الشافعي: لا يَكثُرُ مَنْ تعولون .. أنه أراد: ذلك أدنى ألا تعولوا عيالًا كثيرًا تعجزون عن القيام بكفايتهم، وهو من قولك: (فلان يعول عياله)؛ أي: ينفق عليهم ويَمُونهم، ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم-: (وابدأ بمن تعول)، فحذف العيال الكثير؛ لأن في الكلام دليلًا عليه؛ لأن الله عز وجل بدأ بذكر: (مثنى وثلاث ورباع)، ثم قال: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا) جماعة تعجزون عن كفايتهن، وهو معنى ما قاله الشافعي، فلا مطعن لابن داود عليه فيه بحمد الله ومَنِّه»، انتهى كلام الأزهري في «الزاهر» (ص: ٤٦٧)، وانظر: «الحلية» لابن فارس (ص: ١٨٨) فقد ذكر مفصل كلام ابن داود ووصفه بـ «التشديد في الرد على الشافعي وقصد الطعن»، واستنكر عليه تطاوله عليه «والشافعي من اللغة بالمكان الذي كان به»، ثم أطال الرد وقال في آخره: «ولنا في هذا المسألة كتاب مفرد بحكاية قول الخصوم، وفيما ذكرناه كفاية». وانظر «الرد على الانتقاد» للبيهقي (ص: ٨١).