للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٨٢٠) وقال ابنُ عبّاسٍ في الممْلُوكِين: «أطْعِمُوهم ممّا تأكُلُون، واكْسُوهم ممّا تَلْبَسُون»، قال الشافعي: هذا كلامٌ مُجْمَلٌ، يَجُوزُ أن يَكُونَ على الجوازِ (١)، فيَسْألُ السّائلُ عن مَمَالِيكِه وإنّما يَأكُلُ تَمْرًا أو شَعِيرًا ويَلْبَسُ صُوفًا، فقال: أطْعِمُوهُم ممّا تأكُلُونَ، واكْسُوهُمْ ممّا تَلْبَسُون، والسّائلُونَ عَرَبٌ، ولَبُوسُ عامَّتِهِم وطَعامُهُم جَشِبٌ (٢)، ومَعاشُهم ومَعاشُ رَقِيقِهم مُتَقارِبٌ، فأمّا مَنْ خالَفَ مَعاشَ السَّلَفِ والعَرَبِ، فأكَلَ رَقِيقَ الطّعامِ، ولَبِسَ جَيِّدَ الثِّيابِ .. فلو آسَى رَقِيقَه كان أحْسَنَ، وإن لم يَفْعَلْ فَلَه ما قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «نَفَقَتُه وكُِسْوَتُه بالمعروفِ»، فأمّا مَنْ لَبِسَ الوَشْيَ والخَزَّ والمرَوِيَّ وأكَلَ النَّقِيَّ (٣) وألْوَانَ لُحُومِ الدَّجاجِ .. فهذا لَيْسَ بالمعْرُوفِ للمَمالِيكِ.

(٢٨٢١) وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كَفَى أحَدَكُم خادِمُه طَعَامَه، حَرَّه ودُخانَه .. فَلْيَدْعُه فَلْيُجْلِسْه معه، فإنْ أبَى فلْيُرَوِّغْ له اللُّقْمَةَ فيُناوِلْه إيّاها» (٤) أو كَلِمَةً هذا مَعْناها، قال الشافعي: فلمّا قال -صلى الله عليه وسلم-: «فلْيُرَوِّغْ له اللُّقْمَةَ» .. كان هذا عندنا واللهُ أعْلَمُ على وجهين؛ أَوْلاهما بمَعْناه: أنّ إجْلاسَه معه أفْضَلُ، فإن لم يَفْعَلْ فلَيْسَ بواجبٍ؛ إذْ قال -عليه السلام-: «وإلّا فلْيُرَوِّغْ له لُقْمَةً»؛


(١) كذا في ظ، وفي ز ب س: «الجواب».
(٢) «الطعام الجَشِب»: الغليظ الذي لم يؤدم. «الزاهر» (ص: ٤٧١).
(٣) «النَّقِيّ»: الحُوَّارَى. «الزاهر» (ص: ٤٧٢).
(٤) معنى «ترويغ اللقمة»: ترويتها بالسمن أو بالدسم، قال أبو عمرو الشيباني: «يقال للرجل إذا رَوَّى دسم الثريدة: قد سَغْسَغَها وصَغْصَغَها وسَغْبَلَها ورَوَّغَها ومَرَّغَها ولَغْلَغَها ومَغْمَغَها ورَوَّلَها وأهْنَأهَا ومَنْطَعَها ومَرْطَلَها»، قال أبو منصور: «وليس في هذه الحروف أعرف من (رَوَّغَها)»، وقال: «بلغني أن بعض من لا يعرف العربية سئل عن قوله: (فليُرَوِّغْ له)، ذهب به إلى معنى الروغان، فأخطأ فيه هذا الرجل الخطأ الفاحش، وكان حقه إذ لم يعرفه أن لا يتكلف تفسيره بما يشينه». «الزاهر» (ص: ٤٧١).