(٢) المزني اعترض في هذه المسألة ونسب الكاتب إلى الغلط، وقال: إذا أوجب الشافعي فيه الدية إذا كان في حال تتم لمثله حياة، اقتضى ألا نوجب إلا غرة إن كان في حال لا تتم لمثله حياة، ولا تجب فيه الدية، وقد أجمع أصحابنا على مخالفته؛ فإن الحياة إذا ثبتت فالنظر إلى أنها تبقى لهذا الزمن أم لا تبقى كلامٌ عَريٌّ عن مأخذ الفقه، لا مستند له من تحقيق، واستدل المزني بمفهوم قول الشافعي: «إن كان في حال يتم فيه لأحدٍ من الأجنّة حياة ففيه الدية» على أنه إذا كان لا يتم في مثله الحياة لا تجب الدية، ولا معنى لهذا التَّطريق، وحاصل الكلامين: أن الدية تجب سواء انفصل لمدة تتمّ في مثلها الحياة، أو انفصل في مدة لا يتم في مثلها الحياة، ثم إن المزني أورد مسألة عن الشافعي احتجاجًا لنفسه، فقال: «وقد قال: «لو كان لأقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أشْهُرٍ، فقَتَلَه رجلٌ عَمْدًا، فأرادَ وَرَثَتُه القَوَدَ .. فإنْ كان مِثْلُه يَعِيشُ اليَوْمَ أو اليَوْمَيْن ففيه القَوَدُ»، ثُمّ سَكَتَ» فاستدل بمفهومه كما أثبت في السواد، قال الماوردي: «وهي حجاج عليه؛ لأن الشافعي قد أوجب القود والدية في المقتول لأقل من ستة أشهر إذا كانت فيه حياة قوية وإن لم تتم ولم يدم؛ لأنه لا يجوز أن يعيش في جاري العادة لأقل من ستة أشهر، فبطل به ما ظنه المزني من غلط الناقل، وما ذهب إليه من مخالفة الشافعي». وانظر: «الحاوي» (١٢/ ٤٠٣) و «النهاية» (١٦/ ٦١٨).