للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣١٧٩) وإنْ خاف على الفِئَةِ العادِلَةِ الضَّعْفَ عنهم، رأيْتُ تأخِيرَهُم إلى أن تُمَكِّنَه القُوَّةُ عليهم.

(٣١٨٠) ولو اسْتَعان أهْلُ البَغْيِ بأهْلِ الحرْبِ على قِتالِ أهْلِ العَدْلِ، قُتِلَ أهْلُ الحرْبِ وسُبُوا، ولا يَكُونُ هذا أمانًا إلّا على الكَفِّ، فأمّا على قِتالِ أهْلِ العَدْلِ .. فلو كان لهم أمانٌ فقاتَلُوا أهْلَ العَدْلِ كان نَقْضًا لأمانِهم.

(٣١٨١) وإن كانُوا أهْلَ ذِمَّةٍ .. فقد قيل: ليْسَ هذا نَقْضًا للعَهْدِ، قال: وأرَى إنْ كانُوا مُكْرَهِين، أو ذَكَرُوا جَهالَةً فقالُوا: كُنّا نَرَى إذا حَمَلَتْنا طائِفَةٌ مِنْ المسْلِمِين على أخْرَى أنّ دَمَها يَحِلُّ كقُطّاعِ الطَّرِيقِ، أو لم نَعْلَمْ أنّ مَنْ حَمَلُونا على قِتالِه مُسْلِمٌ .. لم يَكُنْ هذا نَقْضًا للعَهْدِ، وأخِذُوا بكُلِّ ما أصابُوا مِنْ دَمٍ ومالٍ، وذلك أنّهم ليْسُوا بالمسْلِمِين الذين أمَرَ اللهُ بالإصْلاحِ بينهم.

(٣١٨٢) وإنْ أتَى أحَدُهُم تائِبًا لم يُقَصَّ منه؛ لأنّه مُسْلِمٌ مُحَرَّمُ الدَّمِ (١).

(٣١٨٣) قال الشافعي: وقال لي قائلٌ: ما تَقُولُ فيمَن أرادَ دَمَ رَجُلٍ أو مالَه أو حَرِيمَه؟ قلتُ: يُقاتِلُه وإنْ أتَى القَتْلُ على نَفْسِه إذا لم يَقْدِرْ على دَفْعِه إلّا بذَلِكَ، فرَوَى (٢) حديثَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلّا بإحْدَى ثلاثٍ: كُفْرٌ بعد إيمانٍ، وزِنًا بعد إحْصانٍ، وقَتْلُ نَفْسٍ بغَيْرِ نَفْسٍ»، قلتُ: هذا كلامٌ عربيٌّ، ومعناه: إذا أتَى واحِدَةً مِنْ الثلاثِ حَلَّ دَمُه، فمَعْناه: كان رَجُلًا زَنَى مُحْصَنًا ثُمّ تَرَكَ الزِّنا وتابَ منه وهَرَبَ، ثُمّ قُدِرَ


(١) قال إمام الحرمين في «النهاية» (١٧/ ١٥٤): «هذا عَطَفه على أهل الذمة، وأراد المسلمين من أهل البغي». وانظر: «الحاوي» (١٣/ ١٢٧).
(٢) يعني: روى ذلك القائل على وجه الاعتراض على الشافعي، وحول النص في س إلى: «فإن قال قائل: أليس قد روى عثمان بن عفان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال؟».