للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣٢٨٥) قال الشافعي: وإذا ضَرَبَ الإمامُ في الخَمْرِ أو ما يُسْكِرُ مِنْ الشّرابِ بنَعْلَيْن أو طَرَفِ ثَوْبٍ أو رِداءٍ أو ما أشْبَهَه ضَرْبًا يُحِيطُ العِلْمُ أنّه لم يُجاوِزْ أرْبَعِينَ، فماتَ مِنْ ذلك، فالحَقُّ قَتَلَه (١)، وإن ضَرَبَه أكْثَرَ مِنْ أرْبَعِين بالنِّعالِ أو غَيْرِ ذلك فماتَ، فَدِيَتُه على عاقلةِ الإمامِ، دُون بَيْتِ المالِ؛ لأنّ عُمَرَ أرْسَلَ إلى امْرَأةٍ ففَزِعَتْ فأجْهَضَتْ ذا بَطْنِها (٢)، فاسْتَشارَ عَلِيًّا، فأشارَ عليه أن يَدِيَه، فأمَرَ عُمَرُ عَلِيًّا، فقال: «عَزَمْتُ عليك لتَقْسِمَنَّها على قَوْمِك» (٣).

قال المزني: هذا عندي (٤) غَلَطٌ في قَوْلِه، إذا ضَرَبَه أكْثَرَ مِنْ أرْبَعِينَ فماتَ، فلم يَمُتْ مِنْ الزِّيادَةِ وَحْدَها، وإنّما ماتَ مِنْ الأرْبَعِينَ وغَيْرِها، فكَيْفَ تكُونُ الدِّيَةُ على الإمامِ كُلُّها وإنّما ماتَ المضْرُوبُ مِنْ مُباحٍ وغَيْرِ مُباحٍ؟! ألا تَرَى أنّ الشافعيَّ قال (٥): «لو ضَرَبَ الإمامُ رَجُلًا في القَذْفِ إحْدَى وثَمانِينَ فماتَ، أنّ فيها قَوْلَيْن: أحَدُهما - أنّ عليه نِصْفَ الدِّيَةِ، والآخَرُ - أنّ عليه جُزْءًا مِنْ أحَدٍ وثمانين جُزْءًا (٦) مِنْ الدِّيَةِ»؟ قال المزني:


(١) الشافعي ذكر النعال وأطراف الثياب باعتبارها الوارد في السنة، وإن ضرب أربعين جلدة فمات منها، ففي وجوب الضمان قولان: أحدهما - يضمن؛ لأن تقديره بأربعين كان بالاجتهاد، والمشهور - لا ضمان، كسائر الحدود؛ لأن الصحابة -رضي الله عنهم- أجمعوا على أن الشارب يضرب أربعين. انظر: «العزيز» (١٩/ ٤٠٧) و «الروضة» (١٠/ ١٧٨).
(٢) «أجهضت»: أزلقت وأسقطت، و «ذو بطنها»: حملها. «الزاهر» (ص: ٥٠٣).
(٣) هذا الأظهر من قوليه أن ضمان ما أتلفه الإمام بخطئه في الأحكام وإقامة الحدود على عاقلته، والثاني: في بيت المال؛ لأنه ناظِرٌ للمسلمين ومتصرف لهم، فيكون خطؤه في مالهم. انظر: «العزيز» (١٩/ ٤٢٢) و «الروضة» (١٠/ ١٨٣).
(٤) «عندي» من ز.
(٥) كذا في ظ، وفي ز ب س: «يقول».
(٦) قوله: «من أحد وثمانين جزءًا» من ز ب س، وسقط من ظ.