للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ألا تَراه يَقُولُ (١): «لو جَرَحَ رَجُلٌ رَجُلًا جُرْحًا (٢)، فخاطَه المجْرُوحُ، فمات .. فإن كان خاطَه في لَحْمٍ حَيٍّ فعَلَى الجانِي نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لأنّه مات مِنْ جُرْحِه والجُرْحِ الذي أحْدَثَه في نَفْسِه (٣)»؟ فكُلُّ هذا يَدُلُّك أنّه إذا ماتَ المضْرُوبُ مِنْ أكْثَرَ مِنْ أرْبَعِينَ فماتَ، أنّه بهما ماتَ (٤)، فلا تكُونُ الدِّيَةُ كُلُّها على الإمامِ؛ لأنّه لم يَقْتُلْه بالزِّيادَةِ وَحْدَها حتّى كان معها مُباحٌ، أوَلَا تَرَى أنّه يَقُولُ: «مَنْ جَرَحَ مُرْتَدًّا ثُمّ أسْلَمَ، ثُمّ جَرَحَه جُرْحًا آخَرَ فماتَ، أنّ عليه نِصْفَ الدِّيَةِ؛ لأنّه مات مِنْ مُباحٍ وغَيْرِ مُباحٍ»؟ قال المزني: وكذلك مات المضْرُوبُ بأكْثَرَ مِنْ أرْبَعِينَ مِنْ مُباحٍ وغَيْرِ مُباحٍ (٥).


(١) كذا في ز، وفي ب: «ألا ترى أنه يقول»، وفي ظ س: «أولا تراه يقول».
(٢) هكذا أثبته، وسقطت من ظ كلمة: «جرحًا»، وسقطت من ز س: «رجلًا»، وسقطت من ب: «رجل»، وأنا أثبت الجميع.
(٣) قوله: «من نفسه» من ز ب س، وسقط من ظ.
(٤) قوله: «أنه بهما مات» سقط من ظ، وهو من ز ب س.
(٥) هكذا ورد سياق كلام المزني في ز ب س، وسقط من ظ جملة: «قال المزني: وكذلك … » إلخ، وقدم فيه قوله: «أولا ترى أنه يقول: من جرح مرتدًّا … لأنه مات من مباح وغير ومباح» إلى ما قبل قوله: «فكل هذا يدلك … ».
ثم إن المزني لما قال الشافعي: «فدِيَتُه على عاقلة الإمام» توهم أنه أراد جميع الدية، وعليه قال: «لم يمت من الزيادة وحدها، وإنما مات من الأربعين وغيرها، فكيف تكون الدية على الإمام كلها؟»، وهذا من المزني صحيح في الحكم وخطأ على الشافعي في التأويل، وإنما يُعرَف عنه في القدر الواجب على عاقلة الإمام قولان: أحدهما - أن الواجب النصف؛ لأنه تلف من مضمون وغير مضمون، فصار كما إذا جرح نفسه جراحة وجرحه غيره جراحات فمات منهما، يجب نصف الدية، وأظهرهما - أن الضمان يُقسَّط على عدد السياط، وفرقوا بين السياط والجراحات بأن السياط تقع على ظاهر البدن فتكون متقاربة، والجراحات تؤثر في الباطن ومكانتها مختلفة لا تكاد تضبط، وأما القول بأن الدية كلها على الإمام كما فهم المزني، فلا يُعرَف عن الشافعي، وإنما أراد القدر الذي يوفى، وأطلقه اكتفاء بما أوضحه من مذهبه وقَدَّمَه من أصوله، هكذا قال الماوردي في «الحاوي» (١٣/ ٤١٧)، ومشى النووي في «الروضة» (١٠/ ١٧٨) على إثبات ما فهمه المزني قولًا ثالثًا عن الشافعي. وانظر: «العزيز» (١٩/ ٤٠٨).