للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأمَرَ بقَطْعِ عُضْوٍ منه، فمات .. فعلى السُّلْطانِ القَوَدُ في الْمُكْرَهِ، وقد قيل: عليه القَوَدُ في الذي لا يَعْقِلُ، وقيل: لا قَوَدَ عليه في الذي لا يَعْقِلُ، وعليه الدِّيَةُ في مالِه (١)، وأمّا غَيْرُ السُّلْطان يَفْعَلُ هذا .. فعليه القَوَدُ.

(٣٢٩٤) ولو كان رجلٌ أغْلَفُ، أو امْرأةٌ لم تُخْفَضْ، فأمَرَ السُّلطانُ فعُذِرا فماتا (٢) .. لم يَضْمَنِ السُّلطانُ؛ لأنّه كان عليهما أن يَفْعَلا، إلّا أن يَعْذِرَهما في حَرٍّ شديدٍ أو بَرْدٍ مُفْرِطٍ الأغْلَبُ أنّه لا يَسْلَمُ مَنْ عُذِرَ في مِثْلِه، فتَضْمَنُ عاقِلَتُه الدِّيَةَ (٣).


(١) هذا الثاني الأظهر من القولين؛ لأنه قصد الإصلاح لا الإهلاك. انظر: «العزيز» (١٩/ ٤١٥) و «الروضة» (١٠/ ١٨٠).
(٢) «الأَغْلَف» و «الأَعْرَم» و «الأَغْرَل» و «الأَرْغَل»: الأقلف الذي لم يُختَن، والجميع: غُلْفٌ وعُرْمٌ وغُرْلٌ ورُغْلٌ وقُلْفٌ، و «الخفض»: الختان، ويقال: «خُفِضت الجارية فهي مخفوضة»، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأم عطية: «إذا خفضت فأَشِمِّي؛ فإنه أسرى للوجه»؛ أي: أكشف وأنور، و «الخافضة»: الخَتّانة، و «الخفض» كذلك: الانحطاط بعد العلو، و «الخفض»: العيش الطَّيِّب والْمُقام في الرفاهية، و «قوم خافضون»: إذا كانوا في دَعَة غير مسافرين، و «عُذْرَة الغلام»: قُلْفَتُه، ويقال: «عُذِرَ الغلام، فهو معذور» ويقال: «أُعْذِرَ، فهو مُعَذَّر» إذا ختن، وللجارية عُذْرَتان: إحداهما - ما تقطعه الخافضة من نواتها، والأخرى - موضع الخاتم من البكر، ويقال للغلام إذا اشتكى حلقه فغمزت لحمة في لهاته: «قد عُذِرَ، فهو معذور»، وذلك الوجع يقال له: «العُذْرَةُ». «الزاهر» (ص: ٥٠٤).
(٣) هكذا نص هنا أنه يضمن، ونصه إذا جلد الإمام في المرض أو في شدة الحر أو البرد ولم يؤخر فهلك المجلود بالسراية أنه لا يضمن، وفيها طريقان: أحدهما - أن في المسألتين قولين بالنقل والتخريج، أحدهما - أنه لا ضمان فيهما؛ لأن التلف حصل من واجب أقيم عليه، والثاني - يجب؛ لتقصيره بترك التأخير، والطريق الثاني وهو الأصح - تقرير النصين، وفرق بأن الحد ثبت نصًّا، والختان ثبت بالاجتهاد. انظر: «النهاية» (١٧/ ١٩٤) و «العزيز» (١٩/ ١٣٩) و «الروضة» (١٠/ ١٠١).