للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو مُتَحَيِّزًا إلى فِئةٍ مِنْ المسْلِمِين، قَلَّتْ أو كَثُرَتْ، بحَضْرَتِه أو مُنْتَئِيَةً عنه (١) .. فسَواءٌ، ونِيَّتُه في التَّحَرُّفِ والتَّحَيُّزِ ليَعُودَ للقِتالِ المسْتَثْنَى المخْرِجِ مِنْ سَخَطِ اللهِ، وإنْ كان هَرَبُه على غَيْرِ هذا المعْنَى خِفْتُ عليه - إلّا أن يَعْفُوَ اللهُ - أن يَكُونَ قَدْ باءَ بسَخَطٍ مِنْ اللهِ.

(٣٣٤٣) ونَصَبَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على أهْلِ الطّائِفِ مَنْجَنِيقًا أو عَرّادَةً، ونَحْنُ نَعْلَمُ أنّ فيهم النّساءَ والوِلْدانَ، وقَطَعَ أمْوالَ بني النَّضِيرِ وحَرَّقَها، وشَنَّ الغارَةَ على بَنِي المصْطَلِق غارِّين، وأمَرَ بالبَياتِ والتَّحْرِيقِ، وقَطَعَ بخَيْبَرَ - وهي بعد النَّضِيرِ - وبالطّائِفِ - وهي آخِرُ غَزاةٍ غَزاها -صلى الله عليه وسلم- قَطُّ لَقِيَ فيها قِتالًا - قال الشافعي: فبِهَذا كُلِّه أقُولُ، وما أصِيبَ بذلك مِنْ النِّساءِ والوِلْدانِ فلا بَأسَ؛ لأنّه على غَيْرِ عَمْدٍ.

(٣٣٤٤) فإن كان في دارِهِم أُسارَى مُسْلِمُون أو مُسْتَأمِنُون .. كَرِهْتُ النَّصْبَ عليهم بما يَعُمُّ مِنْ التَّحْرِيقِ والتَّغْرِيقِ احْتِياطًا، غَيْرَ مُحَرِّمٍ له تَحْرِيمًا بَيِّنًا، وذلك أنّ الدَّارَ إذا كانَتْ مُباحَةً، فلا يَبِينُ أن يُحَرَّمَ بأن يَكُونَ فيها مُسْلِمٌ يَحْرُمُ دَمُه.

(٣٣٤٥) ولكن لو التَحَمُوا فكانَ يَنْكَأُ مَنْ التَحَمَهُم أن يَفْعَلُوا ذلك، رَأيْتُ لهم أن يَفْعَلُوه، وكانُوا مأجُورِينَ؛ لأمْرَيْنِ: أحَدُهما - الدَّفْعُ عن أنْفُسِهم، والآخَرُ - نِكايَةُ عَدُوِّهِم، ولو كانُوا غَيْرَ مُلْتَحِمِين فتَتَرَّسُوا بأطْفالهم .. فقد قيل: يضْرِبُ المتَتَرِّسَ (٢)، ولا يَعْمِدُ الطِّفْلَ، وقد قيل: يَكُفُّ (٣).


(١) «متحرفًا لقتال» معناه: أن يتحرف لأن يقاتل مستطردًا، وهو إذا رأى فارسًا تعمد أن يستطرد له متحرفًا عن قتاله؛ لكي يتبعه فيجد فرصه فيَكُرَّ عليه، و «متحيزًا إلى فئة» أن يكون منفردًا فينحاز مع فئة. «وحَيِّزُهم»؛ أي: ناحيتهم. «الزاهر» (ص: ٥١١).
(٢) كذا في ظ س، وفي ز ب: «المتترسين» بصيغة الجمع.
(٣) الأظهر من القولين: يضرب المتترس، وقطع به أبو إسحاق، وحمل القول الآخر على الكراهة، والقولان كذلك إذا تترسوا بهم وهم في القلعة. انظر: «العزيز» (١٩/ ٥٥٥) و «الروضة» (١٠/ ٢٤٤).