للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣٣٤٦) قال: ولو تَتَرَّسُوا بمُسْلِمٍ .. رَأيْتُ أن يَكُفَّ، إلّا أن يَكُونُوا مُلْتَحِمِين، فيَضْرِبَ المشْرِكَ، ويَتَوَقَّى المسْلِمَ جُهْدَه، فإنْ أصابَ في هذا الحالِ مُسْلِمًا .. قال في «كتاب حكم أهل الكتاب»: أعْتَقَ رَقَبَةً، وقال في موضع آخر من هذا الكتاب: إن كان عَلِمَه مُسْلِمًا فالدِّيَةُ مع الرَّقَبَةِ.

قال المزني: [ليس هذا عندي بمُخْتَلِفٍ، ولكنّه يَقُولُ: إذا قَتَلَه مع العِلْمِ بأنّه مُحَرَّمُ الدَّمِ فدِيَةٌ مع الرَّقَبَةِ (١)، وإذا ارْتَفَعَ العِلْمُ فالرَّقَبَةُ دُون الدِّيَةِ، [قال: وكذلك قال الشافعي (٢): «لو رَمَى في دارِ الحَرْبِ فأصاب مُسْتأمِنًا ولم يَقْصِدْه .. فليس عليه إلّا رَقَبَةٌ، ولو كان عَلِمَ مَكانَه ثُمّ رَماه غَيْرَ مُضْطَرٍّ إلى الرَّمْيِ .. فعليه رَقَبَةٌ ودِيَةٌ» (٣).

(٣٣٤٧) قال الشافعي: ولو أدْرَكُونا وفي أيْدِينا خَيْلُهم وماشِيَتُهم .. لم يَحِلَّ قَتْلُ شَيْءٍ منها ولا عَقْرُه، إلّا أن يُذْبَحَ لمأكَلِه، ولو جاز ذلك لغَيْظِهِم بقَتْلِهِم طَلَبْنا غَيْظَهُم بقَتْلِ أطْفالهم، ولكن لو قاتَلُونا على خَيْلِهِم فوَجَدْنا السَّبِيلَ إلى قَتْلِهِم بأن نَعْقِرَ بهم فَعَلْنا؛ لأنّها تَحْتَهُم أداةٌ لقَتْلِنا، وقد عَقَرَ حَنْظَلَةُ بنُ الرّاهِبِ بأبي سُفْيان بنِ حَرْبٍ يَوْمَ أحُدٍ، فاكْتَسَعَتْ به فَرَسُه، فسَقَطَ عنها، فجَلَسَ على صَدْرِه ليَذْبَحَه، فرآه ابْنُ شَعُوبٍ فرَجَعَ إليه فقَتَلَه، واسْتَنْقَذَ أبا سُفْيانَ مِنْ تَحْتِه (٤).


(١) ما بين المعقوفتين سقط من ب، وهو في ظ ز س.
(٢) ما بين المعقوفتين من ب، ونحوه في س أيضًا، ولا وجود له في ظ ز، وإنما ينتهي كلام المزني فيهما عند قوله: «فالرقبة دون الدية»، ثم تبدأ مسألة جديدة مستقلة: «قال الشافعي: وكذلك لو رمى … ».
(٣) استشهد المزني بنصه في المستأمن على ما ذهب إليه من وجه الجمع بين نصيه في الواجب على من أصاب مسلمًا حيث جاز الرمي، أنه إن علم أن المرمي إليه مسلم لزمته الدية والرقبة، وإن لم يعلم إسلامه لم تلزم الدية، وتبعه في هذا الجمع أبو الطيب بن سلمة، وهو الأصح، وفيه طريق آخر: أن المسألة على قولين. انظر: «العزيز» (١٩/ ٥٦٠) و «الروضة» (١٠/ ٢٤٦).
(٤) «عَقَرَ بأبي سفيان»؛ أي: عَرْقَبَ به دابته، «فاكتسعت به فرسه»؛ أي: رَكِبتْ عُرْقُوبَيْ رِجْلَيْها راجعةً وراءها، يقال: «كَسَعَه»: إذا ضرب مؤخره، و «استنقذ أبا سفيان»؛ أي: نجاه وخلصه، وفي ذلك قال أبو سفيان:
فلو شِئتُ نَجَّتْنِي كُمَيْتٌ رَجِيلَة … ولم أحْمِل النَّعْماءَ لابن شَعُوبِ
«الكُمَيْت الرَّجِيلة»: التي لا تَحْفَى لصلابة حوافرها، و «النعماء»: إنعامه عليه باستنقاذه. «الزاهر» (ص: ٥١٢).