للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣٣٤٨) وقال في «كتاب حكم أهل الكتاب»: وإنّما تَرَكْنا قَتْلَ الرُّهْبانِ اتِّباعًا لأبي بكرٍ، وقال في «كتاب السير»: ويُقْتَلُ الشُّيُوخُ والأُجَراءُ والرُّهْبانُ، قُتِلَ دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ مِنْ خَمْسٍ أو خَمْسِين ومائةِ سَنَةٍ - شَكَّ المزنيُّ (١) - في شِجارٍ لا يَسْتَطِيعُ الجُلُوسَ (٢)، فذُكِرَ ذلك للنَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فلم يُنْكِرْ قَتْلَه، قال: ورُهْبانُ الدِّياراتِ والصَّوامَعِ والمساكِنِ سَوَاءٌ (٣)، ولو ثَبَتَ عن أبي بَكْرٍ الصديقِ خِلافُ هذا لأشْبَه أن يَكُونَ أمَرَهُم بالجِدِّ على قِتالِ مَنْ يُقاتِلُهُم، ولا يَتَشاغَلُوا بالمقامِ على الصَّوامِع عن الحَرْبِ كالحُصُونِ، ولا يَشْتَغِلُون بالمقامِ بها ليَسْتَحِقَّ النِّكايَةَ بالعَدُوِّ، ولَيْسَ أنّ قِتالَ أهْلِ الحُصُونِ حَرامٌ، وكما رُوِيَ عنه أنّه نَهَى عن قَطْعِ الشَّجَرِ المثْمِرِ؛ لأنّه قد حَضَرَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقْطَعُ الشَّجَرَ المثْمِرَ على بني النَّضِيرِ، وعَلِمَ أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قد وَعَدَهُم بفَتْحِ الشّامِ، فتَرَكَ قَطْعَه؛ لتَبْقَى لهم مَنْفَعَتُه، إذْ كان واسِعًا لهم تَرْكُ قَطْعِه.

قال المزني: هذا أوْلَى القَوْلَيْن عندي (٤) بالحقِّ؛ لأنَّ كُفْرَ جَمِيعِهم


(١) قوله: «شك المزني» من ز ب س، ولا وجود له في ظ.
(٢) «الشِّجَار والمَشْجَرُ»: مركب النساء دون الهودج. «الزاهر» (ص: ٥١٣).
(٣) هكذا قال الشافعي: «الديارات» يريد جمع «دَيْر النصارى»، قيل: وهو غلط؛ لأن جمع «الدير» «ديور»، مثل: «سَيْر وسيور، وعَيْن وعيون»، أجاب الحمشاذي فقال: «هي لفظة صحيحة تستعمل في نواحي الشام وبلاد الروم، و (الديارات) جمع الجمع، يقال: (دار وديار وديارات)، كما يقال: (رجل ورجال ورجالات، وجمل وجمال وجمالات)». انظر «الرد على الانتقاد» للبيهقي (ص: ٩١).
(٤) «عندي» من ظ ز س.