للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(٣٥٦١) ومَن حَلَفَ بيَمِينٍ فرَأى خَيْرًا منها (١) .. فالاخْتِيارُ أن يَأتِيَ الذِي هو خَيْرٌ ويُكَفِّرَ؛ لأمْرِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك، ومَن قال: «والله لقد كان كذا»، ولم يَكُنْ .. أثِمَ وكَفَّرَ، واحْتَجَّ بقول الله عز وجل: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى} [النور: ٢٢]، نَزَلَتْ في رَجُلٍ حَلَفَ لا يَنْفَعُ رَجُلًا، فأمَرَه اللهُ عز وجل أن يَنْفَعَه، وبقَوْلِ الله جل ثناؤه في الظِّهارِ: {وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا} [المجادلة: ٢] وجَعَلَ فيه الكفّارَةَ (٢)، وبقَوْلِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: «فليَأتِ الذي هو خَيْرٌ، وليُكَفِّرْ عن يَمِينِه»، فقد أمَرَه بالحِنْثِ عامِدًا وبالتَّكْفِيرِ، ودَلَّ إجماعُهُم أنّ مَنْ حَلَقَ في الإحرامِ عَمْدًا أو خَطَأً، أو قَتَلَ صَيْدًا عَمْدًا أو خَطَأً في الكفّارَةِ سَواءٌ .. على أنّ الحالِفَ باللهِ وقاتِلَ المؤمِنِ عَمْدًا أو خَطَأً في الكفّارَةِ سَوَاءٌ.

(٣٥٦٢) وإن قال: «أقْسَمْتُ بالله» .. فإنْ كان يَعْنِي: حَلَفْتُ قَدِيمًا فليْسَتْ بيَمِينٍ حادِثَةٍ، وإنْ أرادَ بها يَمِينًا فهي يَمِينٌ.

(٣٥٦٣) وإن قال: «أقْسِمُ» .. فليْسَ بيَمِينٍ، وإن قال: «أقْسِمُ بالله» .. فإنْ أرادَ بها يَمِينًا فهي يَمِينٌ، وإنْ أرادَ بها مَوْعِدًا فليْسَتْ بيَمِينٍ؛ كقَوْلِه: سأحْلِفُ.

قال المزني: وقال في كتاب الإيلاء: «هي يَمِينٌ» (٣).


(١) كذا في ظ ز، وفي ب: «ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها»، وفي س مثل الأول إلا أنه استدرك بهامشه كلمة: «غيرها».
(٢) كذا في ظ، وفي ز ب س: «ثم جعل فيه الكفارة».
(٣) قال في الإيلاء: «إذا قال: أقسمت بالله لا وَطِئتُكِ، ثم قال: أردت يمينًا في الزمان الماضي .. لم يقبل»، وللأصحاب فيها طرق: المذهب أن في الإيلاء وسائر الأيمان قولين: أظهرهما - ليست بيمين؛ لظهور الاحتمال، والثاني - يمين؛ لظهوره في الإنشاء، والطريق الثاني: القطع بأنه يمين، وحمل ما ذكره هنا على قبول تأويله باطنًا، والثالث: تقرير النصين، والفرق: أن الإيلاء متعلق حق المرأة، وحق الآدمي مبني على المضايقة، وسائر الأيمان واجبها الكفارة، وهي حق الله تعالى. انظر: «العزيز» (٢٠/ ٥٩١) و «الروضة» (١١/ ١٤).