للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: ما يَجِدُ النّاسُ بُدًّا مِنْ هذا، غَيْرَ أنّ الزُّهْرِيَّ أنْكَرَها، قلتُ: وقد قَضَى بها حين وَلِيَ، أوَرَأيْتَ ما رَوَيْتَ (١) مِنْ إنْكارِ عَليٍّ على مَعْقِلٍ حَدِيثَ بَرْوَعَ؛ أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- جَعَلَ لها المهْرَ والميراثَ، ورَدِّهِ حَدِيثَه، ومع عَليٍّ زَيْدُ بنُ ثابتٍ وابنُ عُمَرَ، فهل رَدَدْتَ شَيْئًا بالإنْكارِ؟ فكيف تَحْتَجُّ بإنْكارِ الزُّهْرِيِّ؟!

(٣٧٨١) وقلتُ له: وكيف حَكَمْتَ بشَهادَةِ قابِلَةٍ في الاسْتِهْلالِ وهو ممّا يَراهُ الرِّجالُ؟ أمْ كيف حَكَمْتَ على أهْلِ مَحِلَّةٍ وعلى عَواقِلِهم بدِيَةِ الموْجُودِ قَتِيلًا في مَحِلَّتِهم في ثَلاثِ سِنِينَ، وزَعَمْتَ أنّ القُرآنَ يُحَرِّمُ أن يَجُوزَ أقَلُّ مِنْ شاهِدٍ وامْرَأتَيْن، وزَعَمْتَ أنّ سُنَّةَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- تَدُلُّ على أنّ اليَمِينَ بَراءَةٌ لمن حَلَفَ؟ فخالَفْتَ في جُمْلَةِ قَوْلِكَ الكتابَ والسُّنَّةَ، أرَأيْتَ لو قال لك أهْلُ المحِلَّةِ: أمُدَّعًى علينا؟ فأحْلِفْ جميعَنا وأبْرِئْنا، قال: لا أُحْلِفُهم إذا جاوَزُوا خمسين رجلًا، ولا أُبْرِئهم بأيْمانِهم، وأُغْرِمُهم، قلتُ: فكيف جاز لك هذا؟ قال: رَوَيْنا هذا عن عُمَرَ بنِ الخطاب، قلتُ: فإن قيل لك: لا يَجُوزُ على عُمَرَ أن يُخالِفَ الكِتابَ والسُّنَّةَ، وقَوْلُ عُمَرَ نَفْسِه: «البَيِّنَةُ على المدَّعِي، واليَمِينُ على المدَّعَى عليه»؟ قال: لا يَجُوزُ أن أتَّهِمَ مَنْ أثِقُ به، ولكِنْ أقُولُ بالكِتابِ والسُّنَّةِ، وقَوْلُ عُمَرَ على خاصٍّ، قلتُ: فلِمَ لم يَجُزْ لنا مِنْ سُنَّةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ما أجَزْتَ لنَفْسِكَ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ (٢)؟ قلتُ: وقد رَوَيْتُم أنّ عُمَرَ كَتَبَ فجَلَبَهُم إلى مَكَّةَ، وهو مَسِيرَةُ اثْنَيْنِ وعِشْرِين يَوْمًا، وأحْلَفَهُم في الحِجْرِ، وقَضَى عليهم بالدِّيَةِ، فقالُوا: «ما وَقَتْ أمْوالُنا أيْمانَنَا، ولا أيْمانُنا أمْوالَنا»، فقال: «حَقَنْتُم بأيْمانِكم دِماءَكم» (٣)،


(١) كذا في ز س، وفي ظ: «رأيت» مرة أخرى، وفي ب: «ما رويت عن علي من إنكاره على معقل».
(٢) كذا في ظ وهامش س، وفي ز ب وأصل س: «من عمر».
(٣) كذا في ز ب س، وفي ظ: «حقنتم بأموالكم دماءكم».