للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جِنايَةً، والعَبْدُ حُرٌّ في شَهادَتِه وحُدُودِه ومِيراثِه وجِناياتِه قَبْلَ القِيمَةِ ودَفْعِها»، قال المزني: قد قَطَعَ بأنّ هذا المعْنَى أصَحُّ، قال المزني: وقَطْعُه به في أرْبَعَةِ مَواضِعَ أوْلى به مِنْ أحَدِ قَوْلَيْن لم يَقْطَعْ به، وهو القِياسُ على أصْلِه في القُرْعَةِ بأنّ العِتْقَ يَوْمَ تكَلَّمَ بالعِتْقِ حتّى أقْرَعَ بيْنَ الأحْياءِ والموْتَى، فهذا بقَوْلِه أوْلَى، قال المزني: وقد قال الشافعي: «لو أعْتَقَ الثّاني كان عِتْقُه باطِلًا»، وفي ذلك دَلِيلٌ لو كان مِلْكُه بحالِه لعَتَقَ بإعْتاقِه إيّاه، وقَوْلُه في الأمَةِ بَيْنَهما: أنّه إنْ أحْبَلَها صارَتْ أمَّ وَلَدٍ له إن كان مُوسِرًا كالعِتْقِ، وأنّ شَرِيكَه إن وَطِئَها قَبْلَ أخْذِ القِيمَةِ كان مَهْرُها عليه تامًّا، وفي ذلك قَضاءٌ لِما قُلْنَا، ودليلٌ آخَرُ: لمّا كان الثَّمَنُ في إجْماعِهِم ثَمَنَيْن: أحَدُهما - في بَيْعٍ عن تَراضٍ يَجُوزُ فيه التَّغابُنُ، والآخَرُ - قِيمَةُ مُتْلَفٍ لا يَجُوزُ فيه تَغابُنٌ، وإنّما هي على التَّعْدِيلِ والتَّقْسِيطِ، فلمّا حَكَمَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على الموسِرِ المعْتِقِ بالقِيمَةِ .. دَلَّ على أنّها قِيمَةُ مُتْلَفٍ على شَرِيكِه يَوْمَ أتْلَفَه، فهذا كُلُّه قَضاءٌ لأحَدِ قَوْلَيْه على الآخَرِ، وبالله التوفيق (١).

(٣٨٧٨) قال الشافعي: ولو قال أحَدُهما لصاحِبِه - وصاحِبُه مُوسِرٌ -: «أعْتَقْتَ نَصِيبَكَ»، وأنْكَرَ الآخَرُ .. عَتَقَ نَصِيبُ المدَّعِي، ووُقِفَ وَلاؤُه؛ لأنّه زَعَمَ أنّه حُرٌّ كُلُّه، وادَّعَى قِيمَةَ نَصِيبِه على شَرِيكِه، فإن ادَّعَى شَرِيكُه مِثْلَ ذلك عَتَقَ العَبْدُ، وكان له وَلاؤُه (٢)، قال: وفيها قَوْلٌ آخَرُ: إذا لم يَعْتِقْ


(١) الأظهر من القولين: ثبوت السراية بنفس إعتاق الشريك، وهو القول الأول، وهو ما اختاره المزني بناء على قطعه به في أربعة مواضع، والقول الثاني: أن السراية لا تحصل إلا إذا أدى قيمة نصيب الشريك، ويحكى عن القديم، وفي المسألة قول ثالث عن البويطي وحرملة: أنا نتوقف، فإن أدى القيمة بان حصول العتق من وقت اللفظ، وإن فات تبينا أنه لم يعتق. انظر: «العزيز» (٢٢/ ٣٢٧) و «الروضة» (١٢/ ١٢٠).
(٢) قال إمام الحرمين في «النهاية» (١٩/ ٢١٤): «قوله: (وولاؤه له) خطأ؛ فإن الولاء موقوف، ليس يدعيه واحد من الشريكين، وإذا كان كذلك فلا وجه إلا وقف الولاء، وهذا لا شك فيه».