للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نَصِيبُ الأوَّلِ لم يَعْتِق الآخَرُ (١)؛ لأنّه إنّما يَعْتِقُ بالأوَّلِ (٢).

قال المزني: قد قَطَعَ بجَوابِه الأوَّلِ أنّ صاحِبَه زَعَمَ أنّه حُرٌّ كُلُّه، وقد أعْتَقَ نَصِيبَ المقِرِّ بإقْرارِه قبل أخْذِه قِيمَتَه؛ فتَفَهَّمْ، ولا خِلافَ أنّ مَنْ أقَرَّ بشَيْءٍ يَضُرُّه لَزِمَه، ومَن ادَّعَى حَقًّا لم يَجِبْ له، وهذا مُقِرٌّ للعَبْدِ بعِتْقِ نَصِيبِه فيَلْزَمُه، ومُدَّعٍ على شَرِيكِه بقِيمَةٍ لا تَجِبُ له، وفي قَوْلِه وجَمِيعِ مَنْ عَرَفْتُ مِنْ العُلَماءِ أن لو قال لشَرِيكِه: بِعْتُكَ نَصِيبِي بثَمَنٍ وأسْلَمْتُه إليْكَ وأنْتَ مُوسِرٌ وأنَّكَ قَبَضْتَه وأعْتَقْتَه، وأنْكَرَ شَرِيكُه .. أنّه مُقِرٌّ بالعِتْقِ لنَصِيبِه نافِذٌ عليه، مُدَّعٍ لثَمَنٍ لا يَجِبُ له، وهذا وذاك عندي في القِياسِ سَواءٌ، وهذا يَقْضِي لأحَدِ قَوْلَيْه على الآخَرِ، وقد قال الشافعي: «لو قال أحَدُهُما لصاحِبِه: إذا أعْتَقْتَه فهو حُرٌّ، فأعْتَقَه، كان حُرًّا في مالِ المعْتِقِ، وسَواءٌ كان بين مُسْلِمَيْن أو كافِرَيْن، أو مُسْلِمٍ وكافِرٍ»، قال المزني: قد قَطَعَ بعِتْقِه قبل دَفْعِ قِيمَتِه، ودليلٌ آخَرُ مِنْ قَوْلِه: أنّه جَعَلَ قِيمَتَه يَوْمَ تكَلَّمَ بعِتْقِه، فدَلَّ أنّه في ذلك الوَقْتِ حُرٌّ قَبْل دَفْعِ قِيمَتِه.

(٣٨٧٩) قال الشافعي: وإذا أدَّى الموسِرُ قِيمَتَه كان له وَلاؤُه، ولو كان مُعْسِرًا عَتَقَ نَصِيبُه، وكان الشَّرِيكُ على مِلْكِه، يَخْدُمُه يَوْمًا ويَتْرُكُ لنَفْسِه يَوْمًا، فما اكْتَسَبَ فيه فهو له، فإن ماتَ وله وارِثٌ وَرِثَه بقَدْرِ وَلائِه، وإن ماتَ له مَوْرُوثٌ لم يَرِثْ منه شَيْئًا.


(١) كذا في ظ ب، وفي ز س: «نصيب الآخر».
(٢) هذا القول الثاني مبني على قول تأخر السراية، وقد بينا أن الأظهر تعجيلها. انظر: «العزيز» (٢٢/ ٣٤٩).