(٣٩١٣) ولو قال سَيِّدُ المدَبَّرِ: قد رَجَعْتُ في تَدْبِيرِكَ، أو: نَقَضْتُه، أو: أبْطَلْتُه .. لم يَكُنْ ذلك نَقْضًا للتَّدْبِيرِ حتّى يُخْرِجَه مِنْ مِلْكِه.
وقال في موضع آخر [ف: ١٢٥٢]: «إن قال: إنْ أدَّى بعد مَوْتِي كذا فهو حُرٌّ، أو وَهَبَه هِبَةَ بَتاتٍ قُبِضَ أو لم يُقْبَضْ، أو رَجَعَ .. فهذا رُجوعٌ في التَّدْبِير»، قال المزني: هذا رُجُوعٌ في التَّدْبِيرِ بغَيْرِ إخْراجٍ له مِنْ مِلْكِه، وذلك كُلُّه في الكِتابِ الجَدِيدِ، وقال في الكِتابِ القَدِيمِ:«لو قال: قد رَجَعْتُ في تَدْبِيرِك، أو: في رُبُعِكَ، أو: في نِصْفِكَ .. كان ما رَجَعَ عنه رُجُوعًا في التَّدْبِيرِ، وما لم يَرْجِع عنه مُدَبَّرٌ بحالِه»، قال المزني: وهذا أشْبَهُ بأصْلِه، وأصَحُّ لقَوْلِه، إذا كان التَّدْبِيرُ وَصِيَّةً فلِمَ لا يَرْجِعُ في الوَصِيَّةِ؟ ولو جاز له أن يُخالِفَ بين ذلك فيُبْطِلَ الرُّجُوعَ في المدَبَّرِ ولا يُبْطِلَه في الوَصِيَّةِ لمعْنًى اخْتَلَفا فيه، جاز عليه بذلك المعْنَى أن يُبْطِلَ بَيْعَ المدَبَّرِ ولا يُبْطِلَ في الوَصِيَّةِ فيَصِيرَ إلى قَوْلِ مَنْ لا يَبِيعُ المدَبَّرَ، ولو جاز أن يَجْمَعَ بين المدَبَّرِ والأيْمانِ في هذا الموْضِعِ، جاز إبْطالُ عِتْقِ المدَبَّرِ بمَعْنَى الحِنْثِ؛ لأنّ الأيْمانَ لا يَجِبُ الحِنْثُ بها على مَيِّتٍ، وقَوْلُه في الجديدِ والقديمِ بالرُّجُوعِ فيه كالوَصايا مُعْتَدِلٌ مُسْتَقِيمٌ لا يَدْخُلُ عليه منه كَسْرُ تَعْدِيلٍ (١).
(٣٩١٤) قال الشافعي: وجِنايَةُ المدَبَّرِ كجِنايَةِ العَبِيدِ، يُباعُ منه بقَدْرِ جِناياتِه، والباقِي مُدَبَّرٌ بحالِه.
(١) هل يجوز الرجوع عن التدبير باللفظ؟ يبنى على القولين في أن التدبير وصية للعبد بالعتق أم هو تعليق عتق بصفة؟ وقد بينا أن الأظهر عند الأكثرين أنه تعليق عتق بصفة، وعليه فلا يصح الرجوع باللفظ، وإن قلنا: وصية .. صح الرجوع. انظر: «العزيز» (٢٢/ ٥٢١) و «الروضة» (١٢/ ١٩٤) وانظر الفقرة: (١٢٥٢).