للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن تقدم قطعُه ثم قطع بعده بخلافه فهو رجوع واستحداث مذهب، وإن قطع بمذهب ثم ذكر بعده قولين فقد ترك المذهب وعاد إلى التردد، وإن نُقلت عنه نصوص مختلفة من غير تأريخ فلا وجه للاستشهاد بالبعض منها، غير أن المُزَني يستشهد بكثرة النصوص، وهذا لا متعلق فيه» (١).

وقال: «ولما قاله المُزَني وجه، وإن أنكره معظم الأصحاب» (٢).

قلت: كلام إمام الحرمين بالتفصيل أدقُّ من إطلاق الماوردي، وعليه فلنا ثلاثة أحوال:

الأولى - أن يردِّد الشافعي القول أولًا ثم يقطع آخِرًا، فالمذهب ما قطع به جزمًا، ومن أمثلته: أن يردد القول في القديم ويجزم بأحدهما في الجديد.

الثانية - أن يجزم الشافعي القول أولًا ثم يردد آخِرًا، مثل أن يجزم في القديم بقول ويردد في الجديد، فيجب النظر في الأظهر من القولين، ولا يكون جزمه القديم دليلًا على الاختيار قطعًا.

الثالثة - أن يجهل الأول والآخر من الترديد والجزم، وهذا محل اختلاف الأصحاب، ومذهب المُزَني النظر إلى كثرة النصوص، ثم إن الشيخ أبا إسحاق الشِّيرازي صحَّح مذهب المُزَني بالصفة التي حكاه من أن إعادة أحد القولين جازمًا به ترجيح له، ويستنبط من كلام الماوردي عَزْوه إلى مذهب جمهور الأصحاب، فيكون الصحيح إن شاء الله أن القول المعاد هو الراجح عند الشافعي؛ لأنه لما أعاد أحد القولين فالظاهر أن مذهبه هو


(١) انظر «النهاية» لإمام الحرمين (١٩/ ٢١٠).
(٢) انظر «التلخيص» لإمام الحرمين (٣/ ٤١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>