للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يؤلِّف كتاب الفرائض، وإنما ذكر مسائل مبدَّدة منها، ولمَّا ذكر الشافعي بعض أحكام الجدِّ مع الإخوة قال (ف: ١٨٢١): «وهذا قولُ زيد بن ثابت، وعنه قَبِلْنا أكْثَرَ الفرائضِ»، قال: «وقد رُوِيَ هذا القولُ عن عمر وعثمان وعليٍّ وابن مسعود أنهم قالوا فيه مثل قول زيد، وهذا قول الأكثر من فُقهاء البلدان».

قال إمام الحرمين: «نظر الشافعي إلى مواقع الخلاف في الفرائض ولم يجد مضطربًا في المعنى، فاختار أن يتبع زيد بن ثابت، وتردَّد قول الشافعي حيث تردَّدت الروايات عن زيد»، قال: «ولم يضع لأجل هذا كتابًا في الفرائض، لعلمه بعلم الناس بمذهب زيد، وإنما نصَّ على مسائل متفرقة في الكتب، فجمعها المُزَني، وضمَّ إليها مذهب زيد في المسائل، ولم يقل: (تحرَّيْتُ فيها مذهب الشافعي) كقوله في أواخر الكتب التي مضت (١)؛ فإن التحرِّيَ اجتهاد، ولا اجتهاد في النقل، وقد تحقَّق عنده اتباع الشافعي زيدًا» (٢).

قال الأصحاب: ولم يقلد زيدًا، وإنما ترجَّح مذهبه عنده من وجهين: أحدهما - ما رواه الأثبات عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أفرضكم زيد»، والثاني - قال القفَّال: ما تكلم أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- في الفرائض إلا وقد وُجِد له قول في بعض المسائل هجره الناس بالاتفاق، إلا زيد، فإنه لم يقل بقول مهجور بالاتفاق، وذلك يقتضي الترجيح كالعمومين إذا ورد وقد خصَّ أحدهما بالاتفاق دون الثاني كان الثاني أولى.


(١) يقصد ما سبق كتاب الفرائد من أبواب التَّحَرِّي.
(٢) انظر «النهاية» (٩/ ٩)، وعبارة المُزَني في أول كتاب الفرائض من «المختصَر» (ك ٣٢): «مما سمعت من الشافعي، ومن «الرسالة»، ومما وضعته على نحو مذهبه؛ لأن مذهبه في الفرائض نحو قول زيد بن ثابت».

<<  <  ج: ص:  >  >>