للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الرافعي: «وقد يعترض فيقال: للكلام مجال في أن الوجهين هل يوجبان الرجحان، ولكن بتقدير التسليم فالأخذ بما رجح عنده إن لم يكن بناءً على الدليل في كل مسألة لم يخرج عن كونه تقليدًا، كالمقلد يأخذ بقول من رجح عنده من المجتهدين، وإن كان بناءً على الدليل فهو اجتهاد وافق اجتهادًا، فلا معنى للقول بأنه اختار مذهب زيد -رضي الله عنه-»، قال: «ويُجاب عنه بأن الشافعي -رضي الله عنه- لم يخل مسألة عن احتجاج واستشهاد، لكنه استأنس بما رجح عنده من مذهب زيد، وربما ترك به القياس الجليّ وعضَّد الخفيّ، كقول الواحد من الصحابة إذا انتشر ولم يُعرف له مخالف، فباعتبار الاستئناس قيل: إنه أخذ بمذهب زيد، وباعتبار الاحتجاج قيل: إنه لم يقلد، والله أعلم» (١).

قال عبدالله: هذه من الرافعي محاولة للإجابة عن موقف الشافعي من مذهب زيد مع المعروف عنه في الجديد من عدم الاحتجاج بقول الصحابي، والرأي أن كلامه ليس بدقيق، ذلك أننا أمام أمرين:

أحدهما - الاحتجاج بمذهب زيد في الجملة، وهذا لا مفرَّ من الإقرار به، وقد صرَّح به الشافعي كما سبق، وفهمه عنه المُزَني وهو أعلم أصحابه به وبمذهبه.

والأمر الثاني - الاحتجاج بمذهب زيد على مَنْ خالفه من الصحابة، وهذا موضع الترجيح الذي يقع عليه كلام إمام الحرمين والرافعي، والشافعي في مذهبيه القديم والجديد لا يحتجُّ ببعض الصحابة على بعض، ولا ينكر الترجيح بين مذاهبهم بالمرجحات التي أشار إليها الرافعي، وقد ذكر اختلاف الصحابة في مسألة المفوضة وقال (ف: ٢١٩٦): «لا حجة في قول


(١) انظر «العزيز» (١١/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>