للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحد دون النبي -صلى الله عليه وسلم-»، يقصد والله أعلم: لا حجة في قول أحد من الصحابة على أحد، إلا النبي -صلى الله عليه وسلم-، قوله حجة على الجميع.

ويؤيِّد هذا الذي قلتُه ما قال الشافعي (ف: ١١٠٦): «إذا باع الرجلُ شَيْئًا مِنْ الحيوان بالبراءة .. فالذي أذهب إليه قضاء عثمان بن عفان، أنه بريء من كل عيب لم يعلمه، ولا يَبْرَأ من عيبٍ عَلِمَه ولم يُسَمِّه له ويَقِفْه عليه، تَقْلِيدًا، وأنَّ الحيوان يفارق ما سواه؛ لأنه يَغْتَذِي بالصحة والسُّقْم، وتَحُول طَبائعه، وقلَّما يَبْرَأ من عَيْبٍ يَخْفَى أو يَظْهَر، وأنّ أصَحُّ في القِياسِ لولا ما وَصَفْنا مِنْ افْتِراقِ الحيوانِ وغيرِه أنْ لا يَبْرَأ مِنْ عُيُوبٍ لم يَرَها ولو سَمّاها لاخْتِلافِها، أو يَبْرَأ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، والأوَّل أصَحُّ».

فقول الشافعي: «تقليدًا» تعليل لذهابه إلى قضاء عثمان في هذه المسألة، وأشار في آخر كلامه إلى أن القياس لولا ما وصفناه - يعني: قضاءَ عثمانَ كما قال إمام الحرمين والروياني - أنه لا يبرأ عن العيب الذي لم يره المشتري، أو يبرأ عن الجميع، فترك القياس للأثر، وهذا المشهور عنه في القديم، ومذهبه في الجديد تقديم القياس على الأثر، وهذا النص من الجديد، فيشكل.

وأجاب الماوردي في «الحاوي» (٥/ ٢٧٣)، وتبعه الروياني في «البحر» (٤/ ٥٦١) بأن قول عثمان في هذا الموضع حجة على مذهب الشافعي في القديم والجديد وإن لم يجز التقليد عنده، قال الماوردي: «أمَّا على قوله في القديم .. فلأنه كان يرى قول الواحد من الصحابة إذا انتشر ولم يظهر خلافه حجة يقدم على القياس، لا سيما إذا كان إمامًا، وأمَّا على قوله في الجديد .. فلأنه يرى أن قياس التقريب إذا انضم إلى قول صحابي

<<  <  ج: ص:  >  >>