للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان أولى من قياس التحقيق، وقد انضمَّ إلى قضاء عثمان قياس تقريب، فصار حجة يقدم على قياس التحقيق، وهو ما ذكره الشافعي: في أن الحيوان يفارق ما سواه».

وقال شيخ الاسلام البلقيني في تعليقه على «المختصَر» (ف: ١١٠٦): «مذهب الإمام الشافعي -رضي الله عنه- أن مذهب الصحابي حجة ما لم يعارضه النصّ، فقال في بعض المسائل: (قلته تقليدًا لعثمان)، وقال في بعض المسائل: (قلته تقليدًا لزيد) أي: في الفرائض، وأمَّا إذا عارضه النص .. فلا يكون حجة، مثاله: أبو هريرة -رضي الله عنه- روى حديث الغسل من ولوغ الكلب سبعًا إحداهن بالتراب، وكان مذهبه غسله ثلاثًا، فقال الإمام الشافعي -رضي الله عنه-: (العبرة بما روى، لا بما رأى)، وقال أيضًا فيه: (كيف أترك الحديث وآخذ بقول من لو عاصرته لحجَجْته)، وقال -رضي الله عنه- فيما إذا لم يكن في المسألة نص وإنما المستند فيها قول الصحابي أو فعله ما نصه: (ورَأْي الصحابة لنا خير من آرائنا لأنفسنا)».

يُشير البلقيني إلى أن المقصود بعدم الاحتجاج بقول الصحابي إنما هي أقواله التي خالف بها الثابت من النصوص الشرعية، لا عدم الاحتجاج به فيما لا يُعرف فيه نص يخالفه، ومما يُؤيِّد تحرير البلقيني قول الشافعي (ف: ٢١٣٨): «إذا اخْتَلَفَت الروايةُ عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- نَظَرْتُ فيما فعل أصحابُه مِنْ بَعْدِه، فأخَذْتُ به، وتَرَكْتُ الذي يُخالفه» (١).


(١) هذا النص في الأصل قاله الشافعي في مناظرته مع بعض خصومه، والكناية في «نظرت، أخذت» في النص للمخاطب، لكنه يدل على إقرار الشافعي به، فتصرفت فيه على مقتضى التقعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>