للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن نافلة القول أن دعوى الخصوصية ليست مطلَقة، وإنما السنة في عمومها للاتباع، والخاصُّ منها مبيَّن، قال الشافعي (ف: ٣٣٦١): «وما يُقْتَدَى إلا بما صَنَعَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، وما كان له خاصًّا فمُبَيَّنٌ في الكتابِ والسُّنَّة».

ومنها: منع رد السنن بدعوى مخالفة الراوي لها، فذكر الشافعي (ف: ٣٧٨٠) قول بعض الناس بردِّ حديث الشاهد مع اليمين بدعوى أن الزهري راويه أنكره، قال الشافعي: «وقد قضى بها حين وَلِيَ، أوَرَأيْتَ ما رَوَيْتَ مِنْ إنْكارِ عَليٍّ على مَعْقِلٍ حديثَ بَرْوَعَ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- جَعَلَ لها المهْرَ والميراثَ ورَدِّهِ حَدِيثَه، ومع عَليٍّ زَيْدُ بنُ ثابتٍ وابنُ عُمَرَ، فهل رَدَدْتَ شَيْئًا بالإنْكارِ، فكيف تَحْتَجُّ بإنْكارِ الزُّهْرِيِّ؟».

ومنها: التمييز بين السنن من نقل العامة والسنن من نقل الخاصة، وهذا الأصل أطال الشافعي النَّفَس فيه في كتاب «الرسالة» وغيره، ولم يذكرها صريحًا في «المختصَر»، إلا أنه لفت فيه لفتة جميلة تُضاف إلى كلامه في هذا التقسيم، حيث ذكر الشافعي في معرض رَدِّه على قول من منع الحبس والأوقاف تَوارُد الصحابة على العمل بها في الحجاز، قال الشافعي (ف: ١٧٢٩): «وإنَّ أكثرَ ما عندنا بالمدينة ومكَّةَ مِنْ الصدقاتِ لَعَلَى ما وَصَفْتُ، لم يَزَلْ مَنْ تَصَدَّقَ بها مِنْ المسلمين مِنْ السلفِ يَتَوَلَّوْنَها حتى ماتُوا، وإنَّ نَقْلَ الحديثِ فيها كالتَّكَلُّفِ»، يشير -رحمه الله- إلى عدم تطلُّب نقل الآحاد في علم الكافة، وهذه لفتة تحتاج إلى دراسة موضوعية شاملة لفقه الشافعي، حيث إن لها دلالة على الاستدلال ببعض العمل الجاري في الحجاز موطن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كما اعتمد صيغة الأذان في مكة، ومُدَّ أهل الحجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>