للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال عبدالله: هكذا قال المُزَني واشتهر بعده في كتب الأصوليين، وفي نسبته إلى الشافعي نظر بَيِّن؛ ذلك لأنه اشترط في رواة الحديث الصحيح أن «يكون بريًّا من أن يحدِّث عن النبي ما يحدِّث الثقات خلافه عن النبي» (١)، وقد استنكر الحافظ على الأصوليين إطلاق القول بقبول زيادة الثقة فقال: «فيه نظر كثير [كذا]؛ لأنه يرد عليهم الحديث الذي يتَّحد مخرجه فيرويه جماعة من الحفَّاظ الأثبات على وجه، ويرويه ثقة دونهم في الضبط والإتقان على وجه يشمل على زيادة تخالِف ما رووه إمَّا في المتن وإمَّا في الإسناد، فكيف تقبل زيادته وقد خالفه من لا يغفل مثلهم عنها لحفظهم أو لكثرتهم، ولا سيما إن كان شيخهم ممن يجمع حديثه ويُعْتَنَى بمروياته كالزهري وأضرابه بحيث يقال: إنه لو رواها لسمعها منه حفاظ أصحابه، ولو سمعوها لرووها ولَمَا تطابقوا على تركها، والذي يغلب على الظن في هذا وأمثاله تغليط راوي الزيادة، وقد نصَّ الشافعي في «الأم» على نحو هذا فقال في زيادة مالك ومن تابعه في حديث: (فقد عتق منه ما عتق): إنما يغلط الرجل بخلاف من هو أحفظ منه، أو بأن يأتي بشيء يشركه فيه من لم يحفظه عنه، وهم عدد، وهو منفرد)، فأشار إلى أن الزيادة متى تضمَّنت مخالفة الأحفظ أو الأكثر عددًا أنها تكون مردودة» (٢).

ومنها: قاعدة الاستصحاب، قال الشافعي (ف: ٢٣٥٩): «لمَّا قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الشيطانَ يأتِي أحدَكم فينفخ بين ألْيَتَيْه، فلا يَنْصَرِفْ حتى يسمع صَوْتًا أو يشَمَّ ريحًا) .. علِمْنا أنه لم يَزُلْ يقينُ طَهارة إلا بيقينِ


(١) «الرسالة» (الفقرة: ١٠٠١).
(٢) انظر «النكت» (ص: ٤٩٦ ط ماهر الفحل)، والنص عن الشافعي في كتاب «اختلاف الحديث» (ص: ٣٠٥ ط رفعت فوزي).

<<  <  ج: ص:  >  >>