للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَثٍ، فكذلك مَنْ اسْتَيْقَنَ نكاحًا ثُمَّ شَكَّ في الطلاقِ لم يَزُلْ اليقينُ إلا بيقينٍ».

ويمكن أن يندرج تحت هذه القاعدة استصحاب حكم الإجماع الذي اعتمد عليه المُزَني في مسألة المطلقة يعيد طلاقها، قال المُزَني (ف: ٢٦٨٥): «تَبْنِي على عِدَّتها مِنْ أوَّل طلاقِها؛ لأنَّ تلك العِدَّة لم تَبْطُلْ حتى طَلَّقَ، فإنما زادها طلاقًا، وهي مُعْتَدَّة بإجماعٍ، فلا نُبْطِلُ ما أُجْمِعَ عليه مِنْ عِدَّةٍ قائمةٍ إلا بإجماعٍ مِثْلِه أو قياسٍ على نَظِيرِه».

ومنها: رد الاستحسان بلا دليل من نص أو قياس عليه، قال الشافعي (ف: ٣٧٠٠): «ولا يَجُوزُ أن يَسْتَحْسِنَ بغَيْرِ قِياسٍ، ولو جازَ ذلك لجازَ أن يَشْرَعَ في الدِّينِ»، أي: يَسُنَّ فيه ما لم ينزله الله عز وجل، وهذا النص هو الأقرب إلى ما نَقَل الثقات عن الشافعي من قوله: «من استحسن فقد شرع»، والظاهر أنهم اختصروه من هذا النص، وقد أشار إلى ذلك إمام الحرمين فقال: «صرَّح الشافعي بما يتضمَّن إبطالَ الحكم المستند إلى الاستحسان، والقولُ فيه: إن أصحاب الاستحسان ربما يُسندون ما يَرَوْنه إلى خبر، كمصيرهم إلى أن الناسي لا يُفطر بالأكل؛ لخبر أبي هريرةَ فيه، وكلُّ مذهبٍ مستندٍ إلى خبر فهو متلقًّى بالقبول، وعبارة صاحب المقالة عن هذا بالاستحسان على نهاية السخافة والغثاثة؛ فإن قبول الخبر لا مَحيد عنه، والاستحسانُ يُشعر بتردُّد وميلٍ خفيٍّ إلى جانب، ومعظمُ قواعد الاستحسان استصلاح جليّ أو خفيّ لا أصل له في الشريعة، ومعنى قول صاحب المقالة (الاستحسان مقدم على القياس): أن القياس الجاري على وَفْق قواعد الشريعة مؤخَّر عن استصلاحٍ لا أصل له في الشريعة، وقد عبَّر الشافعي عن

<<  <  ج: ص:  >  >>