للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمر والنهي معًا)» (١)، قال: «وهذا هو ما ذكره بعض حُذَّاق أصحابه، كأبي حامد الإسفراييني، وذلك بقوله: (قطع الشافعي قوله إن النهي يقتضي التحريم، بخلاف الأمر، فإنه في بعض المواضع ليَّن القول فيه)، قال الزركشي بعد نقله كلام أبي حامد: (وهذا الذي قاله الشيخ أبو حامد هو الذي دلَّ عليه كلام الشافعي)» (٢).

ولي على هذا الكلام عدة ملاحظات:

أولها - أن التفريق بين دلالتي الأمر والنهي لا يتَّفق مع منهج الشافعي بتأصيل الأصول على قاعدة عربية النصوص، ولا شك أن دلالة الأمر والنهي في أصل اللغة واحدة.

وثانيها - أن الأصحاب متفقون على أن كلام الشافعي في الأمر بعضه يدل على الوجوب وبعضه يردِّد، بل إن القول بدلالة الأمر على الندب نقله الشافعي عن بعض أهل العلم والقول بدلالته على الوجوب أورده احتمالًا له، وبناءً عليه أثبت الزركشي القولين عن الشافعي؛ لأن عادة الشافعي ردُّ ما لا يقبله من الآراء التي ينقلها عن العلماء (٣)، والذي ذهب إليه الباحث إطلاق القول بالترديد.

ثالثها - أن ما ذهب إليه ينقضه واقع عمل الشافعي؛ لأن مقتضاه عدم جواز الاستدلال بالأمر على الوجوب إلا بدليل من خارج، واستدلالات الشافعي بمطلق الأمر على الوجوب كثيرة.


(١) قال مشاري: وقد استوفيتُ نصوص الشافعي في الأمر والنهي في «مجرد مقالات الشافعي في الأصول» فانظرها في: (ص: ٢٨٧ - ٢٩٧).
(٢) انظر «البحر المحيط» للزركشي (٢/ ٤٢٧).
(٣) انظر «البحر المحيط» للزركشي (٢/ ٣٦٥، و ٤٢٧)، وانظر «مجرد مقالات الشافعي في الأصول» للباحث مشاري الشثري (ص: ٢٩٣ - ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>