ورابعها - أن المُزَني صرَّح بنسبة القول بحمل الأمر على الوجوب إلى الشافعي كما سيأتي نص كلامه، وهو أعرف الأصحاب بنصوص الشافعي وأفقههم لها، وحكايته عنه نقل يجب قبوله، لا كما فعل الباحث حيث انتقده اعتمادًا على ما بلغه من نصوص الشافعي، وهذه قضية منهجية عند الباحث طالما ناقشته فيها، وهي صغيرة بجنب ما أحسن في جمع «مجرد مقالات الشافعي في الأصول».
ومنها: حمل العموم على عمومه، ما لم يَقُم دليل على الخصوص، ومن أمثلته قول الله عزَّ وجل:{أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم وللسيارة}[المائدة: ٩٦]، قال الشافعي (ف: ٣٤٥٨): «هذا عُمُومٌ، فمَن خَصَّ منه شَيْئًا فالمخْصُوصُ لا يَجُوزُ عند أهْلِ العِلْمِ إلَّا بسُنَّةٍ أو إجْماعِ الذين لا يَجْهَلُون ما أراد اللهُ تبارك وتعالى».
ومنها: حمل المطلق على إطلاقه، ما لم يقم دليل على التقييد، ومن أمثلته قول الله تعالى في التظاهر:{فتحرير رقبة}[المجادلة: ٣]، قال الشافعي (ف: ٢٤٧١): «وشَرَطَ الله - تبارك وتعالى - في رَقَبَةِ القَتْلِ مُؤمِنَةً، كما شَرَطَ العَدْلَ في الشَّهادَةِ وأطْلَقَ الشُّهُودَ في مواضِعَ، فاسْتَدْلَلْنا على أنَّ ما أطْلَقَ على مَعْنَى ما شَرَطَ، وإنَّما رَدَّ الله أمْوالَ المسْلِمِين على المسْلِمِين، لا على المشْرِكِين».
وقد سُئل المُزَني -رحمه الله- عن مخرج جملة الأمر والنهي على مذهب الشافعي فقال في أول «كتاب الأمر والنهي»(ف: ١): «مذهب الشافعي عندي وبالله التوفيق: أن الأمرَ والنهيَ من الله - عز وجل - ومن رسوله صلى الله عليه على العمومِ والظاهرِ والحتمِ، إلا أن يأتي في سياق الخبر أو في غيره ما يدل على أنه أريد به الخصوصُ أو باطنٌ أو إرشادٌ أو إباحةٌ أو دلالةٌ، فيَلزَم قبولُ