(١٠) ومن العموم من السنة التي دلت على أنه أريد به خاص: قال رسول الله صلى الله عليه: «فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالغرب نصف العشر»، فلو لم يقل غير هذا كانت الزكاة في المد وأقل، فلما قال:«ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» دل على أنه أراد به الخاص، وهو ما بلغ خمسةَ أوسق فصاعدًا.
(١١) وقال عليه السلام: «الجار أحق بسَقَبِ جاره»، فلو لم يقل إلا هذا كان لكل جار شفعة، فلما قال:«فإذا وقعت الحدود فلا شفعة» دلّ على أنه أراد الخاص، وهو الجار المُخالِط المُشايِع، دون المُقاسِم.
(١٢) ونَهَى عن بيع التمر بالرطب، ولو لم يقل غير هذا لم يجز بيع تمر برطب أبدًا، فلما أرخص في بيع العرايا - وهو تمر برطب - دلّ على أنه أراد بالتحريم: ما سوى العرايا.
(١٣) ومن العموم من القرآن التي دلت السنة على أنه أريد به الخاص: قال الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) إلى قوله: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)[المائدة: ٦]، فلو لم يقل غيرَ هذا، كان على العباد كلما قام رجل إلى الصلاة أن يتوضأ، على وضوءٍ كان أو على غير وضوء، فلما صلى رسول الله صلواتٍ بوضوء واحدٍ، دلّ ذلك على أنه أراد مِنْ القائمين إلى الصلاة مَنْ ليس على وضوء، ولمَّا مَسح على الخُفَّين دلّ على أنه أراد مِنْ القائمين إلى الصلاةِ مَنْ لا خفَّين عليه.
(١٤) وقال عز وجل: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا)[المائدة: ٣٨]، فلو لم يقل غير هذا قُطِع مَنْ لزمه اسم سرقةٍ، فلمّا قال النبي عليه السلام:«القطع في ربع دينار فصاعدًا» دلّ على أن الله عز وجل أراد بعض السُّرّاق دون بعض.