للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٥) وقال: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) [البقرة: ٢٣٠]، فلو لم يقل غير هذا ثُمّ نَكَحت غيره ثُمّ طلقها قبل أن يصيبها حلَّتْ للأوّل، فلمّا قال رسول الله صلى الله عليه لامرأة رفاعة وطلقها ثلاثًا وتزوجت: «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عُسَيْلتَه ويذوق عُسَيْلتَكِ» دلّ على أنه أراد: الزوجَ المصِيبَ، دون الزوجِ الذي لم يُصِب.

(١٦) ومن الأمر الذي أطلقه القرآن يدل تبيينه أنه مباح: ولمّا كان الانتشار والابتغاء من فضل الله مباحَينِ يمنع منهما بقوله: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) [الجمعة: ٩]، وقال: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) [الجمعة: ١١]، فأعلَمَ منعَهم مِنْ المباح ما ألزمهم مِنْ إتيان الجمعة، ولأن لا يتركوا رسول الله قائمًا فيما عليهم مِنْ فرض الصلاةِ، ولما قال: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) [الجمعة: ١٠] كان معناه إباحتهما كما كانا، لا أن فرضًا عليهم ذلك.

(١٧) ومن ذلك أن الصيد لمّا كان مباحًا بقول الله عز وجل: (وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) [المائدة: ٤]، وقال: (تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ) [المائدة: ٩٤]، فلمّا قال عز وجلّ: (لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) [المائدة: ٩٥]، ثُمّ قال: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) [المائدة: ٢] كان معناه أن ردهم إلى المباح كما كان أولًا، لا أنّ ذلك فرضًا [كذا] عليهم.

(١٨) ومن ذلك أن مباحًا للرجل أن يأكل من ماله ويترك، فلما أصدقه امرأتَه قال الله عز وجل: (وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا) (١) [البقرة: ٢٢٩]، وقال: (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ) [النساء: ٢١]،


(١) في الأصل: «ولا تأخذوا … »، سقط منه قوله: «ولا يحل لكم أن».

<<  <  ج: ص:  >  >>