للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٢٣) وقد قال رسول الله: «أنت ومالُكَ لأبيك»، فلو لم يستدل بتأويل كان له بيع ابنه كما يبيع عبده ومال عبده، ولا يحل لابنه وطء جوار (١) نفسه لأن الفرج لغيره، ومتى مات ورث الجد بقدر مورثه من مال الابن الحي، ولبطل بيع الابن وشراه إلا بإذن أبيه، وإذا مات الابن لم يرثه ابنه ولا زوجته ولا ولده؛ لأنه لا مال له وإنما هو لأبيه، ونحو هذا كثير، فتأويل «أنت ومالك لأبيك» عندي وبالله التوفيق: أن ألزَمَه عليه السلام من بِرِّه بأبيه أن لا يمتنع مما أراد أبوه من نفسه وماله، إلا أن يسأل شططًا أو مُحَرَّمًا، فلا يكون ذلك من البِرِّ الذي يلزمه، لا (٢) أنَّ مخرَجَه أنه وماله ملك لأبيه.

(٢٤) ونظير ذلك أيضًا: ما نهى عنه صلى الله عليه عن بيع الماء؛ لأنه لا خلاف عندنا أن بيع ما حوته آنية الرجل حلالًا [كذا]، فكان مخرجه عندنا نهيً خاصًّ، وهو غير بيع الماء في مكانه الذي خُلِق فيه؛ كقوله: «لا يمنع أحدكم فضل الماء ليَمنع به»، فأباح ذلك لمن يَرْعى في الكلأ، ونهى أن يمنع فضل الماء؛ لأن في منْعِه منعَ إقامة الماشية على الكلأ؛ لأنه لا قوام لها إلا بالماء، فأما مَنْ اسْتَقَى بدلوه، أو أخذها بقُلَّتِه، فقد صار هذا بعينه مِلْكًا له، يبيعه ويورَثُ عنه.

(٢٥) ومنها: ما روي أن رسول الله صلى الله عليه نهى في الصلاة عن ثلاث: عن نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يُوطِّنَ الرجلُ المقام كإيطانِ البعير.

قال المزني: مخرج هذا النهي عندي وبالله التوفيق على وجهين: أحدهما - أن لا يحتظر الموضع بالإيطان، فيمتنع غيره منه، فيصير كالمالك، وأما المسجد وكل موضع منه لمن سبق إليه، فلا يختص به في


(١) هكذا أثبته على التوهم، وهو غير واضح في الأصل، وظاهر رسم ما في الأصل: «وطرجوا».
(٢) ظاهر ما في الأصل: «الا».

<<  <  ج: ص:  >  >>