للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٠) قال الشافعي: وإنْ غَسَلَ وَجْهَه مرَّةً، ولم يَغْسِلْ يدَه قَبل أنْ يُدْخِلَها في الإناء ولم يَكُنْ فيها قَذَرٌ، وغَسَل ذِراعَيْه مَرَّةً مَرَّةً، ومَسَح بعضَ رأسِه بِيَدِه أو بِبَعْضِها ما لم يَخْرُج عَنْ منابتِ شَعْرِ رأسِه .. أجزأه، واحْتَجَّ بأنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- مَسَحَ بناصِيَتِه وعلى عِمامَتِه - قال الشافعي: والنَّزَعَتان من الرأس (١) - وغَسَل رِجْلَيْه مَرَّةً مَرَّةً، وعَمَّ (٢) بكُلِّ مَرَّةٍ ما غَسَلَ .. أجزأه، واحْتَجَّ بأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- توضَّأ مَرَّةً مَرَّةً، ثم قال: «هذا وُضوءٌ لا يَقبَل الله الصلاةَ إلا به»، ثُمَّ توضَّأ مرَّتَيْن مرَّتَيْن، ثُمّ قال: «مَنْ توضَّأ مرَّتَيْن مرَّتَيْن .. آتاه الله أجْرَهُ مرَّتَيْن»، ثم توضَّأ ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: «هذا وُضوئي، ووُضوء الأنبياءِ مِنْ قَبْلي، ووُضوء خَليلي إبراهيمَ -صلى الله عليه وسلم-».

(٢١) قال الشافعي: وفي تَرْكِه أن يَتَمَضْمَضَ ويَسْتَنْشِقَ ويَمْسَحَ أذُنَيْه .. تَرْكُ السُّنَّة (٣).


(١) هذه الجملة مدرجة في أصل سياق ذكر فرائض الوضوء، قصد بها الاستدلال على عدم وجوب تعميم الرأس بالمسح، وزاد فائدة في تحديد الوجه الواجب غسله، ونحو ذلك جائز في كلام العرب، صرح به القاضي الحسين في «التعليقة» (١/ ٢٨٥)
و «النَّزَعَتان» بفتح النون والزاي: ما زال عنه الشَّعَرُ من البياض الذي يستعلي في مقدم الرأس مِنْ جانِبَيه، فإن زاد ذَهابُ الشَّعَرِ على ذلك قليلًا .. فهو: «أَجْلَحُ»، وتلك هي «الْجَلَحَة». انظر: «الحاوي» للماوردي (١/ ١٣٥)، و «الزاهر» (ص: ١٠٧)، و «الحلية» (ص: ٤٦).
فائدة: اشتهر ضبط كلمة «النَّزَعَة» عن الشافعي بتسكين الزاي، وأخذوها عليه، قال البيهقي في «الرد على الانتقاد» (ص: ٣٨): «وليست بمقيدة في رواية المزني ولا في رواية الربيع بالتحريك ولا بالتسكين فيما نقلت إلينا، فيحتمل أن يكون الشافعي -رحمه الله- ذكرها بفتح الزاي فلم يضبطها الرواة، فقلما يراعون الإعراب في غير ألفاظ صاحب الشريعة، وبعد ذلك فقد قال أبو منصور بن أبي محمد الأديب: كتب إلي أبو العلاء بن كوشاد الأصبهاني - بعد أن سألته عن هذا الحرف - فقال: يروى عن أبي عمرو الشيباني وغيره: (النزعة) بفتح الزاي وسكونها، أجراها مجري (فحْمة العشاء وفحَمته)، ويقولون: (نحن في عز ومنَعة)، و (عز ومنْعة)، و (هو فصيح اللهْجة واللهَجة)».
(٢) كذا في ز ب، وفي س: «فإذا»، وفي (ظ): «ولو عم»، وهذا الأخير يبطل المعنى المقصود.
(٣) في هامش س: «قال الإمام الشافعي في «الأم» (١/ ٢١): «ولم أعلم اختلافًا في أن المتوضئ لو تركهما عامدا أو ناسيا وصلى، لم يُعِد».
قال شيخ الإسلام: ذكر ابن المنذر في «الإشراف» الاختلاف في الإعادة على من ترك المضمضة والاستنشاق في الوضوء، فقال: «كان عطاء والزهري وابن أبي ليلى وحماد وإسحاق يقولون: يعيد إذا تركهما في الوضوء، وقال الحسن البصري وعطاء في أحد قوليه، والزهري والحكم وقتادة وربيعة ويحيى الأنصاري ومالك والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي: لا يعيد، وقال أحمد: في الاستنشاق خاصة، ولا يعيد من ترك المضمضة، وبه قال أبو عبيد وأبو ثور»، وقال ابن المنذر: «بقول أحمد أقول»، وعن أحمد رواية لم يذكرها ابن المنذر، وهي إيجاب المضمضة والاستنشاق في الوضوء، وهي المشهورة عند الحنابلة، وظهر مما حكاه ابن المنذر الاختلاف في ذلك، والشافعي قال: «لم أعلم»؛ لأنه لم يبلغه هذا الذي حكاه ابن المنذر وغيره. (ترتيب الأم)».
قلت: انظر كلام ابن المنذر في «الأوسط» (١/ ٣٧٧).