للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣٦) والفرقُ بَينَ أنْ يَسْتَطِيبَ بيمِينِه فيُجْزِئ، وبالعَظْمِ فلا يُجْزِئ: أنَّ اليمينَ أداةٌ، والنهيُ عنها أدَبٌ، والاستطابةُ طهارةٌ (١)، والعظمُ ليس بطاهرٍ (٢).

(٣٧) فإن مَسَحَ بثلاثة أحجارٍ فلم تُنْقِ .. أعادَ حتّى يَعْلَمَ أنّه لم يُبْقِ أثَرًا، إلا أثَرًا لاصِقًا لا يُخْرِجُه إلا الماءُ.

(٣٨) ولا بأسَ بالجلدِ المدبوغِ أن يُسْتَطَابَ به (٣).


(١) في ز «والاستطابة به طهارة»، وألحق في ظ فوق السطر مصححا كلمة «بها» ليصير: «والاستطابة بها طهارة»، والمثبت من ب س، وهو الصواب. انظر: «المجموع» للنووي (٢/ ١٣٧).
(٢) ليست العلة في المنع كونه غير طاهر؛ لأنه وإن كان طاهرًا لا يجوز الاستنجاء به، ثم إن العظم عند الشافعي وغيره من الفقهاء طاهر، فكيف قال المزني: إنه ليس بطاهر؟ اختلف الأصحاب في ذلك بين مؤاخذ ومؤول.
فقيل: إن المزنى نقل هذا اللفظ عن كتاب الشافعي في الطهارات على المعنى، لا على ما لفَظَ به الشافعي، ولفظه: «ولا يستنجي بعظم؛ للخبر فيه؛ فإنه وإن كان غير نجس فليس بنظيف، وإنما الطهارة بنظيف طاهر». وظن المزني أن معنى (النظيف) و (الطاهر) واحد، فأدى معنى (النظيف) بلفظ (الطاهر)، وليسا عند الشافعي ولا عند أهل اللغة سواءً، ألا ترى أن ما كان من زهومة لحوم الحيوان وعظامها، والأطعمه السَّهِكة، والأشياء الكريهة الطعم والرائحة وإن كانت طاهرة، فإنها ليست بنظيفة؟ ومعنى النظيف عند الشافعي: الشيء الذي ينظف ما كان من زهومة أو رائحة غَمَرٍ. فأراد الشافعي: أن العظم وإن كان طاهرًا، فإنه كان في الأصل طعامًا زَهِمًا غير نظيف في نفسه ولا منظِّف لغيره، فلا يجوز الاستنجاء به؛ لأنه في الأصل طعام. وهذا جواب أبي منصور الأزهري، ونحوه عن أبي إسحاق المروزي، وبه قطع القاضي أبو الطيب.
وقيل: إن نقل المزني صحيح مؤول، فقال أبو علي بن أبي هريرة: إن قوله: «ليس بطاهر»؛ أي: ليس بمطهر، وقال أبو حامد: إنه ذكر إحدى العلتين في العظم النجس، وهو كونه نجسًا وكونه مطعومًا، وللعظم الطاهر علة واحدة، وهو كونه مطعومًا، فذكر إحدى علتي العظم النجس دون الطاهر.
انظر: «الزاهر» (ص: ١١٢)، و «الحاوي» للماوردي (١/ ١٧١)، و «المجموع» للنووي (٢/ ١٣٧).
(٣) مفهومه المنع إذا كان غير مدبوغ، ولو كان طاهرًا جافًّا، وبه صرح الربيع في روايته، ورواية البويطي جواز الاستنجاء بالجلد، وعن حرملة امتناعه، ولم يفصلا بين المدبوغ وغيره، فمن أصحابنا من يجعل ذلك أقوالًا ثلاثة، أظهرها: تفصيل الربيع والمزني، ومن أصحابنا من قال: المذهب ما نقله الربيع، والقولان المطلقان في النفي والإثبات محمولان على ما قبل الدباغ وبعده. انظر: «النهاية» لإمام الحرمين (١/ ١٠٧)، و «الروضة» للنووي (١/ ٦٩).