للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١٧٠) فإنِ اخْتَلَفَ اجتهادُ رَجُلَيْن .. لم يَسَعْ أحدَهما اتباعُ صاحبِه.

(١٧١) فإنْ كان الغَيْمُ وخَفِيَت الدلائلُ على رَجُلٍ .. فهو كالأعْمَى.

قال المزني: وقال في موضع آخر: «ومَن دَلَّه مِنْ المسلمين وكان أعْمَى .. وَسِعَه اتِّباعُه، ولا يَسَعُ بَصِيرًا خَفِيَتْ عليه الدلائلُ اتِّباعُه»، قال المزني: لا فَرْقَ بيْن مَنْ جَهِلَ القبلةَ لعَدَمِ العِلْمِ، وبَيْنَ مَنْ جَهِلَها لعَدَمِ البَصَرِ، وقد جَعَلَ الشافعيُّ مَنْ خَفِيَتْ عليه الدلائلُ كالأعْمَى، فهُما سواءٌ (١).

(١٧٢) قال الشافعي: ولا تَسَعُ دلالةُ مُشْرِكٍ بحالٍ.

(١٧٣) قال: ومَن اجْتَهَدَ فصَلَّى إلى الشَّرْقِ، ثُمّ رَأى القبلةَ إلى الغَرْبِ اسْتَأنَفَ؛ لأنّ عليه أنْ يَرْجِعَ مِنْ خَطأِ جِهَتِها إلى يَقِينِ صوابِ جِهَتِها، ويُعِيدُ الأعْمَى ما صَلَّى معه متى أعْلمَه، وإنْ كانَتْ شرقًا، ثُمّ رَأى أنّه مُتَحَرِّفٌ (٢)، وتلك جِهَةٌ واحدةٌ .. كان عليه أنْ يَنْحَرِفَ، ويُعْتَدُّ بما مَضَى، وإنْ كان معه أعْمَى انْحَرَفَ (٣) بانْحِرافِه، وإذا اجْتَهَدَ به رَجلٌ، ثُمّ قالَ له آخَرُ: قد أخْطَأ بك فلانٌ (٤)، فصَدَّقَه .. تَحَرَّفَ حيثُ قال له، وما مَضَى مُجْزئ عنه؛ لأنّه اجْتَهَد به مَنْ له قَبولُ اجْتِهادِه.


(١) هذه مسألة البصير خفيت عليه دلائل القبلة هل يقلد العالم بها؟ والأصحاب فيها على ثلاثة طرق: أحدها - القطع بالتقليد، وحمل قول الشافعي: «ولا يسع بصيرًا خفيت عليه الدلائل اتباعه» على ما إذا كان الوقت واسعًا، وهي طريقة أبي العباس بن سريج، وثانيها - القطع بعدم التقليد، بل يصلي كيف كان، ثم يقضي، وأصحها - حكاية القولين، وهي طريقة الجمهور، ثم اختلفوا في الترجيح، فأظهرهما عند الأكثرين: أنه لا يقلد، وصلى كيف كان ويقضي، والثاني: يقلد، وهو اختيار المزني. انظر: «الحاوي» (٢/ ٧٩) و «النهاية» (٢/ ٩٣) و «العزيز» (٢/ ٢٥١) و «الروضة» (١/ ٢١٨).
(٢) كذا في ظ س، وفي ز ب: «منحرف»، والأمر فيه يسير.
(٣) كذا في ظ، وفي ز س: «تحرَّف»، وفي ب: «ينحرف».
(٤) كلمة: «فلان» من ظ، ولا وجود لها في سائر النسخ.