للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال المزني: قد احْتَجَّ الشافعيُّ في «كتاب الصيام» [ف: ٧٧٣] فيمَن اجْتَهَد ثُمّ عَلِمَ أنّه أخْطَأ، أنّ ذلك يُجْزِئه، بأنْ قال: وذلك أنّه لو تَأخَّى القبلةَ (١)، ثُمّ عَلِمَ بعد كمالِ الصلاةِ أنّه أخْطَأ، أجْزَأت (٢) عنه كما يُجْزِئ ذلك في خَطَأِ عَرَفَةَ، واحْتَجَّ (٣) أيْضًا في «كتاب الطهارة» بهذا المعنى فقال: إذا تَأخَّى في أحَدِ الإناءين أنَّه طاهِرٌ والآخَرِ نَجِسٌ فصَلَّى، ثُمَّ أراد أنْ يتَوَضَّأَ ثانيةً، فكان الأغْلَبُ عِنْده (٤) أنَّ الذي تَرَكَ هو الطاهرُ .. لم يتَوَضّأ بواحدٍ منهما، ويتَيَمَّمُ، ويُعِيدُ كلَّ صلاةٍ صلَّاها بتيَمُّمٍ؛ لأنّ معه ماءً يَسْتَيْقِنُ (٥)، وليس كالقِبْلَةِ يتَأخّاها في مَوْضِعٍ ثُمّ يُراها في غَيْرِه؛ لأنّه ليس مِنْ ناحيةٍ إلّا وهي قبلةٌ لقومٍ.

قال المزني: فقد (٦) أجاز صلاتَه وإنْ أخْطَأ القبلةَ في هذَيْن الموضِعَيْن؛ لأنّه أدَّى ما كُلِّفَ، ولم يُجْعَلْ عليه إصابةُ العَيْنِ؛ للعَجْزِ عنها في حال الصلاة.

قال المزني: وهذا القياسُ على ما عَجَزَ عنه في الصلاةِ، مِنْ قِيامٍ، وقُعودٍ، ورُكوعٍ، وسُجودٍ، وسَتْرٍ، أنّ فرضَ الله كلَّه ساقطٌ عنه، دونَ ما قَدَرَ عليه مِنْ الإيماءِ عريانًا، فإذا قَدَرَ مِنْ بعدُ لم يُعِدْ، فكذلك إذا عَجَزَ عن التَّوجُّهِ إلى عَيْنِ القبلةِ كان عنه أسْقَطَ، وقد حُوِّلَت القبلةُ، ثُمّ صلّى أهلُ قُباءَ


(١) «تأخَّى القبلة»: تحراها وقصد قصدها اجتهادًا، يقال: «فلان يتأخى صاحبه»؛ أي: يقصد مقصده. «الحلية» (ص: ٧٥).
(٢) كذا في ز ب س، وفي ظ: «أجزأته».
(٣) كذا في ز ب س، وفي ظ: «قال: وقد احتج».
(٤) كلمة «عنده» من ز ب س، وسقط من ظ، وجوز ذلك ورود قوله: «وكان الأغلب» فيه بالواو.
(٥) كذا في ظ، وفي ز: «مستيقنا»، وفي ب س: «مستيقن»، ولا يصح ذلك من جهة الإعراب، ولذلك أصلح في ب ٢ إلى «مستيقنا».
(٦) كذا في ب، وفي ظ ز س: «قد».