للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال المزني: قلت أنا (١): ولا أحِبُّ ما قال مِنْ إبلاغِ الحَشْوِ؛ لأنّ في ذلك قُبْحًا يَتَنَاوَل به حرمتَه، ولكن يُجْعَل كالموْزَةِ مِنْ القطن فيما بين ألْيَتَيْه، وسُفْرةُ قطن تحتها تُضمُّ إلى ألْيَتَيْه، والشِّدَادُ مِنْ فوق ذلك كالتُّبَّان يُشَدُّ عليه، فإنْ جاء منه شيءٌ مَنَعَه ذلك مِنْ أن يَظْهَر منه، فهذا أحْسَنُ في كرامتِه مِنْ انْتِهاك حُرمتِه (٢).

(٤٧٤) قال الشافعي: ويَأخُذ القطنَ فيَضَع عليه الحنوطَ والكافورَ، فيَضَعُه على فِيه ومِنْخَرَيْه وعينيه وأذنيه وموضعِ سُجودِه - وإنْ كانتْ به جِراحٌ نافِذَةٌ وَضَع عليها، ويُحَنِّطُ رأسَه ولحيتَه بالكافورِ - وعلى مساجِدِه.

(٤٧٥) ويُوضَع الميِّتُ مِنْ الكَفَن بالموضع الذي يَبْقَى مِنْ عند رجلَيْه منه أقلُّ مما يَبْقَى مِنْ عند رأسِه، ثم يَثْنِي عليه صَنِفَةَ الثوبِ (٣) الذي يَلِيه على شِقِّه الأيْمن، ثم يَثْنِي الصَّنِفَةَ الأخْرَى على شِقِّه الأيْسَر؛ كما يَشْتَمِل الحيُّ بالسّاج، ثم يَصْنَع بالأثواب كلِّها كذلك، ثم يَجْمَع ما عند رأسِه مِنْ الثياب جمْعَ العمامة، ثم يَرُدُّه على وجهه، ثم يَرُدّ ما على رجليه على ظهور رجليه إلى حيث بَلَغ، فإنْ خافوا أنْ تَنْتَشِر الأكفانُ عَقَدُوها عليه.


(١) «قلت أنا» من س.
(٢) «انتهاك حرمته»؛ أي: من المبالغة في تناول حرمة عورته وكشفه، وهو افتعال من النهك، يقال: «أنهكه عقوبةً»؛ أي: بالغ في عقوبته. «الزاهر» (٢١٢).
تنبيه: قال الروياني في «البحر» (٢/ ٥٤٢) نقلًا عن أصحابنا: لم يرد الشافعي بالإبلاغ ما توهمه المزني، ولكن أراد المبالغة في إلصاقه بذلك الموضع كما فسره المزني واختاره لنفسه، والدليل على أن مراده هذا أنه قال: (ليرد شيئًا إن خرج منه)، فلو كان إبلاغًا في الحشو لقال: (ليمنع أن يخرج منه شيء)، وما زاد المزني على مراد الشافعي إلا سُفْرة قطن، ونحن لا ننكر هذه الزيادة لو فعل.
(٣) «صَنِفة الثوب»: زاويته، وكل ثوب مربع له أربع صنفات، وهي زوايا الإزار والملاءة، وقيل: صنفة الثوب: طُرَّته. «الزاهر» (٢١٣).