للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال المزني: ما أرى لاشْتِراطِه - يعني: الشافعيَّ - «إذا كان إنّما يدَّخَر مطبوخًا» معنًى؛ لأنّ القياسَ أنّ ما ادُّخِرَ وما لم يُدَّخَر واحدٌ، والنارُ تَنْقُصُه (١).

(١٠٢٧) ولا يُباعُ عَسَلُ نَحْلٍ بعَسَلِ نَحْلٍ إلّا مُصَفَّيَيْن مِنْ الشَّمْعِ؛ لأنّهما لو بِيعا وَزْنًا وفي أحدِهما شَمْعٌ - وهو غيرُ العَسَلِ - كان العَسَلُ بالعَسَلِ غيرَ مَعْلومٍ، وكذلك لو بِيعا كَيْلًا.

(١٠٢٨) ولا خيرَ في مُدِّ حِنْطَةٍ فيها قَصَلٌ أو زُؤَانٌ (٢) بمُدِّ حِنْطَةٍ لا شيءَ فيها مِنْ ذلك؛ لأنّها حِنْطةٌ بحِنْطَةٍ مُتَفاضِلَةً ومَجْهُولَةً، وكذلك كُلُّ ما اخْتَلَطَ به، إلّا أن يكون لا يَزِيدُ في كَيْلِه، مِثْلُ قَليلِ التُّرابِ الدَّقيقِ وما دُقَّ مِنْ تِبْنِه، وأما الوَزْنُ .. فلا خيرَ في مِثْلِ هذا.


(١) قول المزني استدرك بهامش س، وذكر في «الحاوي» (٥/ ١١٨)، ولم يرد في سائر النسخ، وقد اتفق الأصحاب على أن النيء أو القديد بالمطبوخ أو بالمشوي لا يجوز، ولا فرق بين أن يكون المطبوخ مما يدخر أو ما لا يدخر، وأما قوله في «المختصر»: «إذا كان إنما يدخر مطبوخًا» .. فقال القاضي حسين: «إنه خطأ في النقل، بل لا يختلف الحكم فيه»، وقال القاضي الروياني في «البحر» (٤/ ٤٣٢): «قيل: عبارة الشافعي: (ولا يجوز من الجنس الواحد مطبوخًا منه بِنِيءٍ بحال، ولا مطبوخ طبخ ليدخر مطبوخًا)، فنقل المزني هذا وقدم بعض الكلام وأخر بعضه وعطف على المسألة الأولى، وقيل: معنى ما نقل المزني: وإن كان إنما يدخر مطبوخًا، وهو قول ابن داود، وقصد به بيان أن هذا ليس بعذر»، وعبارة الشافعي في «الأم» (٣/ ٢٠): «ولا يجوز منه مطبوخ بنيء بحال؛ لأنه إذا كان إنما يدخر مطبوخًا، فأعطيت منه نِيئًا بمطبوخ، فالنيء إذا طبخ ينقص، فيدخل فيه النقصان في النيء، فلا يحل»، قال التقي السبكي في «تكملة المجموع» (١٠/ ٣٩٢): «قد علمت أن ما نقله المزني موجود مثله في «الأم» في تعليل الشافعي، فالوجه تأويل ذلك وعدم حمله على الخطأ من المزني»، قال: «وتأويله عسر، بل هو قوي الدلالة على أن ما يدخر في حال كونه نِيئًا وفي حال كونه مطبوخًا يجوز بيع النِّيء منه بالمطبوخ، والتأويل الذي نقله الروياني هو أقرب ما يُتمحَّل، مع تكلف».
(٢) قال الفراء: «يقال في الطعام: قَصَل وزُؤَان ومُرَيْراء ورُعَيْداء وعفى - منقوص - وكل هذا مما يخرج منه فيرمى به». «الزاهر» (ص: ٢٩٦).